سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق.
قال ابن شهاب: فأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت (١) قال: سمعت زيد بن ثابت قال: فقدت آية من الأحزاب حين نسخت الصحف، قد كنت أسمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ بها، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري (٢) :﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ (٣)، فألحقتها في سورتها في المصحف (٤).
قلت: وخزيمة هذا غير أبي خزيمة الذي وجد معه الآيتين آخر "سورة براءة"، ذاك أبو خزيمة بن أوس بن زيد من بني النجار، شهد بدرًا وما بعدها، [١٧ و] وتوفي في خلافة عثمان، وهذا خزيمة بن ثابت بن الفاكه من الأوس، شهد أحدًا وما بعدها، وقتل يوم صفين، وقيل غير ذلك. ومعنى قوله: "فقدت آية كذا فوجدتها مع فلان... " أنه كان يتطلب نسخ القرآن من غير ما كتب بأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم يجد كتابة تلك الآية مع ذلك الشخص، وإلا فالآية كانت محفوظة عنده وعند غيره، وهذ المعنى أولى مما ذكره مكي (٥) وغيره: أنهم كانوا يحفظون
(٢) هو خزيمة بن ثابت بن الفاكه الأنصاري، أبو عمار المدني، توفي سنة ٣٧هـ "الإصابة ١/ ٤٢٥، تهذيب التهذيب ٣/ ١٤٠".
(٣) الأحزاب: ٢٣.
(٤) البخاري ٦/ ٩٩، ورواه الترمذي في صحيحه ١١/ ٢٦٢، والبيهقي في السنن الكبرى ٢/ ٤١ أيضا.
(٥) هو مكي بن أبي طالب حموش بن محمد بن مختار القيسي، أبو محمد القيرواني ثم الأندلسي، كان إماما بوجوه القراءات، متبحرًا في علوم القرآن والعربية والنحو، كثير التآليف توفي سنة ٤٣٧هـ "معجم الأدباء ٧/ ١٧٣، وفيات الأعيان ٢/ ١٥٧، غاية النهاية ٢/ ٣٠٩، بغية الوعاة ص٣٩٦".