قال أبو عمرو الداني في كتاب "المقنع": أكثر العلماء على أن عثمان رحمه الله لما كتب المصحف جعله على أربع نسخ: فوجه إلى [٢٧ و] الكوفة إحداهن، وإلى البصرة أخرى، وإلى الشام الثالثة، واحتبس عند نفسه واحدة (١).
وقال أبو محمد مكي رحمه الله في آخر كتاب "الكشف": "ذكر إسماعيل القاضي (٢) من روايته أن زيد بن ثابت قال: كتبته على عهد أبي بكر في قطع الأدم وكسر الأكتاف، وفي كذا وكذا، قال: فلما هلك أبو برك وكان عمر كتبته في صحيفة واحدة، وكانت عنده، فلما هلك كانت الصحيفة عند حفصة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، قال: "وروي أن حفصة لما ماتت قبض الصحيفة عبد الله بن عمر، فعزم عليه مروان فأخذها.." (٣).
قلت: وقد سبق ذلك، فيكون على هذا قد كتبه زيد ثلاث مرات في أيام الأئمة الثلاثة رضي الله عنهم، وهذه رواية غريبة، إلا أن ظاهر القصة يدل على صحتها؛ لأن اختصاص آل عمر بالصحيفة بعد عمر دل على أنه كان كتبها لنفسه، ولو كانت هي التي كتبت في زمن أبي بكر لما اختص بها آل عمر، والله أعلم.
وقد حكى القاضي أبو بكر في "كتاب الانتصار" خلافا في أن أبا بكر جمع القرآن بين لوحين أو في صحف وأوراق متفرقة، وبكل معنى من

(١) المقنع ص٩.
(٢) هو إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد الأزدي، أبو إسحاق البغدادي، فقيه على مذهب الإمام مالك، له مؤلفات، وصنف أيضا كتابا في القراءات جمع فيه قراءة عشرين إماما، توفي سنة ٢٨٢هـ "تاريخ بغداد ٦/ ٢٨٤، غاية النهاية ١/ ٦٢".
(٣) الإبانة ص٢٦.


الصفحة التالية
Icon