الكتاب، ثم قرأ ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ﴾ الآية" قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"١، ووافقه على هذا الحافظ الذهبي٢ رحمه الله.
مناسبة الآيات لما قبلها:
إلتمس علماء التفسير مناسبة للربط بين هذه الآيات وما سبقها، فتحصل من السياق أن الله عز وجل لما بين فساد رأي الكفار وضلالهم فيما حرموا على أنفسهم من الحرث والأنعام والثمار وأوضح سفههم في ذلك، وأبطل دعواهم بمطالبتهم بالبرهان ولا قدرة ألم عليه. فلله الحجة البالغة. ناسب بعد ذلك أن يوجههم بالأسلوب الحكيم إلى ما يجب عليهم إتباعه من شرع الله عز وجل لا مما تمليه عليهم أهواؤهم، وتسوقهم إليه رغباتهم فيضعوا لأنفسهم قانوناً فيما يحل وما يحرم. بل مرد ذلك إلى العليم الخبير الذي أوضح لهم بِأقوى بيان كمال قدرته عز وجل وشدة عجزهم عن تدبير شئونهم٣. فقال تعالى موجهاً الأمر إلى عبده ورسوله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم:
﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون﴾.
سؤال وجوابه
قال العلماء قد يسأل سائل فيقول: قال الله تعالىِ: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ... ﴾ الآيات. وعندما نتأمل الآيات نجد عدداً من الأوامر اندرج تحت قوله: (ما حرم) كالإحسان إلى الوالدين، والوفاء في الكيل والميزان، والعدل في القول، والوفاء

١ المستدرك ٢/٣١٧.
٢ التلخيص مع المستدرك ٢/٣١٧. والغرِيب أن الحافظ الذهبي يقول عن عبد الله بن خليفة: لا يكاد يعرف. (الميزان- ٢/٤١٤) وتقدمت الإشارة لمثل هذه الملاحظة ص ٦.
٣ التسهيل٢/ ٢٥، الإرشاد ٣/ ١٩٧، الفتوحات ٢/١٠٦، القاسمي ٦/ ٧٨٠ الظلال ٣/ ٤٢٠، المجدد ٢/ ١٨٥.


الصفحة التالية
Icon