المناسبة:
إن المتأمل للوصايا الثلاث الأول يجد فيها عناية وتأكيداً على الطهارة المعنوية، ففي الوصية الأولى أوصى الله عز وجل بطهارة القلب من عبادة غيره، ومن كل شائبة تعكر صفو العقيدة مهما قل شأنها، وفي الوصية الثانية أوصى بطهارة الجوارح من الإساءة إلى الوالدين، وأمر بكبح كل جارحة بالإحسان الزائد على العدل، وفي الوصية الثالثَة أمر بطهارة الجوارح أيضا من صفة ذميمة، مارسها الجاهليون، فأكد الشرع على تحريمها، وأعلن قبحها، فالطهارة الأولى فيها حماية للفرد، والثانية والثالثة فيهما حماية للأسرة، وجاءت الوصية الرابعة شاملة لحماية الفرد والأسرة والمجتمع، فالطهارة المعنوية قاعدة يقوم عليها صلاح الفرد والأسرة والمجتمع ومرتكزها إفراد الله عز وجل بالعبادة.
المباحث النحوية
...
البحث اللغوي:
أ- النحو: (ما ظهر) منصوب على البدل من الفواحش.
(ما بطن) عطف عليه.
ب- المفردات: الفواحش: جمع فاحشة. وكل شيء جاوز حده فهو فاحش١. والفحشاء والفاحشة، ما عظم قبحه من الأفعال والأقوال٢. والفاحشة، الزنا. وكل ما يشتد قبحه من الذنوب وكل ما نهى الله عز وجل عنه٣.
وقد جاء في معنى الفواحش في هذه الآية خمسة أقوال:
١- أن ما ظهر: هو نكاح المحرمات والخمر، وما بطن الزنا. قاله سعيد بن جبير ومجاهد.
٢- وقال الضحاك: ما ظهر الخمر، وما بطن الزنا.
٣- وقال ابن عباس والحسن والسدي: إن الفواحش الزنا، وما ظهر منه الإعلان به، وما بطن الإستسرار به.
٤- قال قتادة إنه عام في الفواحش، وظاهرها علانيتها، وباطنها سرها٤.
٥- ذكر الماوردي في تفسير هذه الآية أن ما ظهر، أفعال الجوارح، وما بطن اعتقاد

١ الصحاح ٢/ ٢٢٥، وانظر اللسان ٦/ ٣٢٥.
٢ الراغب ص ٣٧٤.
٣ ترتيب القاموس ٣/ ٤٢٥.
٤ الزاد ٣/ ١٤٨.


الصفحة التالية
Icon