١- العمد: هو أن يقصد شخص قتل آخر بما يراه قاتلا في العادة كالسيف، والخنجر، والطلقات النارية وغيرها من الأمور القاتلة. وهذا القسم ثبت بكتاب الله عز وجل قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾ ١ الآية.
٢- شبه العمد: هو أن يقصد شخص ضرب آخر بما لا يقتل غالباً، إما لقصد العدوان عليه، أو لقصد التأديب له فيسرف فيه، ويتجاوز الحد المعقول في ذلك، كالضرب بالسوط، والعصا، والحجر الصغير ونحو ذلك.
وهذا القسم ثبت بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد ذكرنا آنفاً حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: "ألا إن دية الخطأ شبه العمد، ما كان بالسوط، والعصا، مائة من الإبل، منها أربعون في بطونها أولادها" ٢. وقد قضى فيه رسول الله ﷺ فقد أخرج الإمام البَخاري بسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى النبي ﷺ فقضى أن دية جنينها غرة، عبد أو وليدة، وقضى أن دية المرأة على العاقلة"٣. فاعتبره ﷺ شبه عمد إذ أوجب الدية على العاقلة، ولو اعتبره عمداً لما حملت العاقلة الدية، لأنها لا تحمل العمد. وقال أبو داود: حدثنا محمد بن يحي بن فارس٤، حدثنا محمد بن بكار بن بلال العاملي٥، أخبرنا محمد- يعنى ابن راشد٦- عن سليمان- يعني ابن موسى٧- عن عمر وبن شعيب٨، عن أبيه٩، عن جده١٠، أن النبي ﷺ قال: "عقل شبه العمد مغلظ، مثل عقل العمد، ولا يقتل صاحبه" ١١. فهذه نصوص من السنة صحيحة تثبت شبه العمد، خلافاًَ لما نقل عن الإمام مالك رحمه الله.
٣- الخطأ: هو أنٍ يفعل الشخص فعلاً لا يريد به الاعتداء علىِ أحد من البشرِ فيخطئ هدفه ويصيب إنساناً فيقتله، مثاله. أن يرمي صيداً فيصيب إنساناًَ، أو يلقي شيئاًَ

١ الآية (٩٣) من النساء.
٢ أخرجه أبو داود ٤/ ٧١١-٧١٢.
٣ الحديث متفق عليه وهذا لفظ البخاري (الصحيح مع الفتح ١٢/ ٢٥٢).
٤ الذهلي، ثقة، حافظ، جليل، مات سنة ثمان وخمسين ومائتين.
٥ صدوق، مات سنة ست عشرة ومائتين.
٦ المكحولى، صدوق يهم، مات بعد ستين ومائة.
٧ الأموي، الأسدق، صدوق فقيه، في حديثه بعض لين، من الخامسة.
٨ ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، صدوق، مات سنة ثمان عشرة ومائة.
٩ شعيب بن محمد، صدوق، من الثامنة.
١٠ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه.
١١ سنن أبي داود ٤/ ٦٩٤.


الصفحة التالية
Icon