أي ما ذكر من الثلاثة كما هو دأب الكفرة المذكورين يَلْقَ أَثاماً (٦٨) أي جزاء إثمه.
وقال الحسن: الأثام اسم من أسماء جهنم. وقال مجاهد: الأثام واد في جهنم.
وقرأ ابن مسعود أياما أي شدائد، لأنه يقال لليوم الصعيب يوم ذو أيام يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ. وقرأ ابن كثير وابن عامر يضعف بتشديد العين وإسقاط الألف وَيَخْلُدْ فِيهِ أي في ذلك العذاب مُهاناً (٦٩) أي مقرونا بالإذلال كما أن الثواب مقرون بالتعظيم.
وقرأ ابن عامر وشعبة «يضاعف» و «يخلد» كلاهما بالرفع على الاستئناف، أو على الحال. وقرأ حفص مع ابن كثير «فيه» بصلة الهاء بالياء إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ أي يغفر الله لهم تلك السيئات، ويكتب موضع كافر مؤمن وموضع عاص مطيع، ولا يبعد في كرم الله تعالى إذا صحت توبة العبد أن يضع مكان كل سيئة حسنة. وقد
قال صلّى الله عليه وسلّم لمعاذ: «وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن»
«١». وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (٧٠).
روى البخاري عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت في أهل الشرك، فلما نزل صدرها قال أهل مكة: قد عدلنا بالله وقتلنا النفس التي حرم الله، وأتينا الفواحش فأنزل الله الا من تاب إلى رحيما
وَمَنْ تابَ عن المعاصي بتركها والندم عليها، وَعَمِلَ صالِحاً يتدارك به ما فرط، ولو كان نيته وعمله كلاهما ضعيفا فَإِنَّهُ يَتُوبُ أي يرجع إِلَى اللَّهِ مَتاباً (٧١) أي رجوعا مرضيا عند الله أي ومن تاب عن المعاصي إلى الطاعة، فإن التوبة منه في الحقيقة توبة إلى الله أي فإنه قد أتى بتوبة مرضية لله مكفرة للذنوب، محصلة للثواب،
وروى أبو هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «ليتمنين أقوام لو أنهم أكثروا من السيئات». قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: «الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات»
«٢». وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ أي لا يحضرون مواضع الكذب، فإن حضور مجامع الفساق مشاركة لهم في تلك المعصية ولأن النظر دليل الرضا بها أو لا يشهدون بالكذب.
وقال محمد بن الحنفية: الزور الغناء وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ أي بأهل اللغو على سبيل الاتفاق من غير قصد مَرُّوا كِراماً (٧٢) أي مكرمين أنفسهم عن مثل حال اللغو، وهو كل ما يجب أن يترك وإكرامهم لأنفسهم لا يكون إلا بالإعراض وبالإنكار وبترك المعاونة وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً (٧٣) أي والذين إذا وعظوا بالآيات المشتملة على
(٢) رواه السيوطي في جمع الجوامع (٤٧٠٠)، والمتقي الهندي في كنز العمال (٢٥٨١)، والسيوطي في الدر المنثور (٥: ٣٤٤)، والقرطبي في التفسير (١٣: ٨٧).