جاءكم من أهل مكة يرد إليهم ومن أتى مكة منكم لم يرد إليكم، وكتبوا بذلك العهد كتابا وختموه، فجاءت سبيعة بنت الحرث الأسلمية، مسلمة، والنبي صلّى الله عليه وسلّم بالحديبية، فأقبل زوجها مسافر المخزومي فقال: يا محمد، اردد علي امرأتي فإنك قد شرطت لنا شرطا أن ترد علينا من أتاك منا، وهذه طية الكتاب لم تجف، فنزلت هذه الآية لبيان أن الشرط إنما كان في الرجال دون النساء، فاستحلفها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فحلفت، فأعطى زوجها ما أنفق، ثم تزوجها عمر رضي الله عنه وأخرج الطبراني عن عبد الله أن هذه الآية نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط.
وعن الزهري: كانت هربت من زوجها عمرو بن العاص ومعها أخواها: عمارة والوليد، فحبسها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورد أخويها. وأخرج بن أبي حاتم عن يزيد بن أبي حبيب أنها نزلت في أمية بنت بشر امرأة أبي حسان ابن الدحداحة. وعن مقاتل: أنها نزلت في سعيدة امرأة صيفي بن الواهب. وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ يا معشر المؤمنين أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ بعد الاستبراء إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ أي إذا التزمتم مهورهن، فالمهر المدفوع للكفار لا يقوم مقام المهر الذي يجب على المسلم، إذا تزوجهن إذ المهر أجر البضع.
قال ابن عباس: أيما امرأة أسلمت وزوجها كافر فقد انقطع ما بينها وبين زوجها من عصمة ولا عدة عليها من زوجها الكافر وجاز لها أن تتزوج إذا استبرأت، وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ أي لا تأخذوا بعقود الكافرات غير أهل الكتاب.
قال ابن عباس: أيما امرأة كفرت بالله فقد انقطع ما بينها وبين زوجها المؤمن من العصمة.
وقرئ في السبعة «تمسكوا» بضم التاء وسكون الميم وبفتح الميم وتشديد السين. وقرئ «تمسكوا» بفتح التاء والميم وتشديد السين، وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ أي اطلبوا أيها المؤمنون من أهل مكة ما اتفقتم على أزواجكم من مهورهن إن دخلن في دينهم، وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا أي وليطلبوا منكم ما أنفقوا على أزواجهم من المهور إن دخلن في دينكم ذلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠).
روي أنه لما نزلت هذه الآية أدى المؤمنون مهور المؤمنات المهاجرات إلى أزواجهن المشركين وأبى المشركون أن يؤدوا شيئا من مهور الكوافر إلى أزواجهن المسلمين، فنزل قوله تعالى: وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا أي وإن انفلت منكم أحد من أزواجكم، ورجع إلى الكفار الذين ليس بينكم وبينهم عهد، فغنمتم من العدو، فأعطوا الذين ذهبت أزواجهم إلى الكفار من الغنيمة قبل الخمس مثل ما أنفقوا عليهن من مهر المهاجرة التي تزوجتموها، ولا تعطوه زوجها الكافر، وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (١١)، وجميع من ارتدت من نساء المؤمنين ست نسوة: أخت أم سلمة فاطمة بنت أبي أمية، وأم كلثوم