واسمه كيسان المقبرى به.
وفى هذا الحديث فضيلةٌ عظيمةٌ للقرآن المجيد على كل معجزة أعطيها نبيٌ من الأنبياء، وعلى كل كتاب أنزله، وذلك أن معنى الحديث: ما من نبى إلا أعطى -أى: من المعجزات- ما آمن عليه البشر، أى: ما كان دليلا على تصديقه فيما جاءهم به، واتبعه من اتبعه من البشر، ثم لما مات الأنبياء لم تبق لهم معجزة بعدهم إلا ما يحكيه أتباعهم عما شاهدوه فى زمانه.
وأما الرسول الخاتم للرسالة محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنما كان معظم ما آتاه الله وحيا منه إليه منقولا الى الناس بالتواتر، ففى كل حينٍ هو كما أنزل، فلهذا قال: "فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا". وكذلك وقع؛ فإن أتباعه أكثر من أتباع الأنبياء لعموم رسالته، ودوامها الى قيام الساعة واستمرار معجزته. ولهذا قال الله "تبارك و"١ تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ [الفرقان: ١]، وقال تعالى: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ [الإسراء: ٨٨].
ثم تقاصر معهم إلى عشر سور منه فقال: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [هود: ١٣]، ثم تحداهم إلى أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا، فقال: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين﴾ [يونس: ٣٨]، وقصر التحدي على هذا المقام فى السور المكية، كما ذكرنا فى المدنية أيضا، كما فى سورة البقرة حيث يقول