وذلك أن مسيلمة التفَّ معه من المرتدين قريب من مائة ألف، فجهَّزَ الصديق لقتاله خالد بن الوليد فى قريب من ثلاثة عشر ألفًا، فالتقوا معهم، فانكشف الجيش الإسلامى لكثرة من فيه من الأعراب، فنادى القرَّاء من كبار الصحابة: يا خالد خلصنا؛ يقولون: ميَّزْنا من هؤلاء الأعراب، فتميزوا منهم وانفردوا، فكانوا قريبا من ثلاثة آلاف، ثم صدقوا الحملة وقاتلوا قتالا شديدا، وجعلوا يتنادون: يا أصحاب سورة البقرة، فلم يزل ذلك دأبهم، حتى فتح الله عليه، وولى جيش الكفار فارًا، واتبعتهم السيوف المسلمة في أقفيتهم قتلًا وأسرًا؛ وقتل الله مسيلمة وفرَّق شمل أصحابه، ثم رجعوا إلى الإسلام.
ولكن قُتِلَ من القراء يومئذ قريب من خمسمائة -رضي الله عنهم، فلهذا أشار عمر على الصديق بأن يجمع القرآن؛ لئلا يذهب منه "شيء"١ بسبب موت من يكون يحفظه من الصحابة بعد ذلك فى مواطن القتال، فإذا كُتِبَ وحُفِظَ صار ذلك محفوظا، فلا فرق بين حياة من بلغه أو موته، فراجعه الصديق قليلا ليستثبت الأمر، ثم وافقه، وكذلك راجعهما زيد بن ثابت فى ذلك، ثم صار إلى ما رأياه -رضى الله عنهم أجمعين، وهذا المقام من أعظم فضائل زيد بن ثابت الأنصارى.
ولهذا قال أبو بكر٢ بن أبى داود: ثنا عبد الله بن محمد بن خلاد، ثنا يزيد "ثنا"٣ مبارك.....

١ ساقط من "أ".
٢ في "كتاب المصاحف" "ص١٠" وضعَّفَه المصنِّف بالانقطاع، وكذا قال في "مسند عمر" "٢/ ٥٦١"، ويضاف إليه أن المبارك بن فضالة مع ضعفه، فهو مدلس. والله أعلم.
٣ في "أ": "ابن". وهو خطأ.


الصفحة التالية
Icon