وفعل وحرف، وذكر أشياء أُخَر تمَّمها أبو الأسود بعده، ثم أخذ الناس عن أبى الاسود فوسَّعوه ووضَّحوه، وصار علما مستقلا.
وأما المصاحف العثمانية الأئمة فأشهرها -اليوم- الذى فى الشام بجامع دمشق عند الركن، شرقي المقصوة المعمورة بذكر الله، وقد كان قديما بمدينة طبرية، ثم نُقِلَ منها إلى دمشق فى حدود ثمانى عشرة وخمسمائة، وقد رأيته كتابا عزيزا جليلا عظيمًا ضخمًا بخطٍّ حسن مبين قوى بحبر محكم، فى رق أظنه من جلود الإبل، والله أعلم، زاده الله تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا.
فأمَّا عثمان -رضى الله عنه، فما يُعْرَفُ أنه كتب بخطِّه هذه المصاحف، وإنما كتبها زيد بن ثابت فى أيامه وغيره، فنسبت إلى عثمان؛ لأنها بأمره واشارته، ثم قُرِئَتْ على الصحابة بين يدى عثمان، ثم نفذت إلى الآفاق، رضى الله عنه.
وقد قال أبو بكر١ بن أبى داود: حدَّثَنَا عليُّ بن حرب الطائى، ثنا قريش بن أنس، ثنا سليمان التيمى، عن أبى نضرة، عن أبي سعيد مولى

١ وأخرجه الطبريُّ في "تاريخه" "٤/ ٣٨٣" من طريق معتمر بن سليمان التيمي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو نضرة، عن أبي سعيد مولى أبي أسيد، فذكره.
وأخرجه عمر بن شبة في "تاريخ المدينة" "٣/ ١١٣٨-١١٣٩" من طريق سعيد بن يزيد، حدثنا أبو نضرة، عن أبي سعيد به. وأخرجه الطبراني في "الكبير" "ج١/ رقم ١١٩" من طريق الزهري عن أبي سلمة قال: لما ضرب عثمان... إلخ، وحسن إسناده الهيثمي في "المجمع" "٩/ ٩٤"، وهو منقطع بين أبي سلمة وعثمان -رضي الله عنه.


الصفحة التالية
Icon