المتبادر حتى يصح أن يقال: هؤلاء جواريه لا نساؤه، وحرمة بنت الأمة ليس لأن أمها من نسائنا مرادة بالنص بل لأنها موطوءة وطأ حلالا عند الجمهور، وبلا هذا القيد عندنا على أنه لو أريد بالنساء هناك ما تصح به الإضافة حتى يشتمل المعنى الحقيقي وهن الزوجات والمجازي- أعني الإماء بعموم المجاز- لأمكن للاتفاق على ثبوت ذلك الحكم في الإماء كثبوته في الزوجات أما هنا فلا اتفاق ولا لزوم عندنا أيضا ليثبت بطريق الدلالة لأن الإماء لسن في معنى الزوجات لأن الحل فيهن تابع غير مقصود من العقد ولا من الملك حتى يثبتا مع عدمه في الأمة المجوسية والمراضعة بخلاف عقد النكاح لا يصح في موضع لا يحتمل الحل، واستدل أيضا بأن القياس شأنه أن لا يوجب هذا التشبيه الذي في الظهار سوى التوبة، وورد الشرع بثبوت التحريم فيه في حق من لها الاستمتاع ولا حق للأمة فيه فيبقى في حقها على أصل القياس، وبأن الظهار كان طلاقا فنقل عنه إلى تحريم مغيّا بالكفارة ولا طلاق في الأمة، وهذا ليس بشيء للمتأمل.
ونقل عن مالك والثوري صحة الظهار في الأمة مطلقا، وعن سعيد بن جبير وعكرمة وطاوس والزهري صحته في الموطوءة، ثم إن الشرط كونها زوجة في الابتداء فلو ظاهر من زوجته الأمة ثم ملكها بقي الظهار فلا يجوز له وطؤها حتى يكفر كما صرحوا به، والمراد بالزوجة المنكوحة التي يصح إضافة الطلاق إليها فلا فرق بين مدخول بها وغيرها فلا يصح الظهار من مبانة، ومنه ما سمعت آنفا ولا من أجنبية إلا إذا أضافه إلى التزوج كأن قال لها: إن تزوجتك فأنت علي كظهر أمي ثم تزوجها فإنه يكون مظاهرا، نعم في التاتارخانية: لو قال إذا تزوجتك فأنت طالق، ثم قال: إذا تزوجتك فأنت علي كظهر أمي فتزوجها يقع الطلاق، ولا يلزم الظهار في قول أبي حنيفة، وقال صاحباه: لزماه جميعا، وعن مالك أنه إذا ظاهر من أجنبية ثم نكحها لزم الظهار أضافه إلى التزويج أم لا.
وقال بعض العلماء لا يصح ظهار غير المدخول بها، وقال المزني: لا يصح ظهار المطلقة الرجعية، وظاهر الَّذِينَ يُظاهِرُونَ يشمل العبد فيصح ظهاره، وقد ذكر أصحابنا أنه يصح ظهار الزوج البالغ العاقل المسلم ويكفر العبد بالصوم، ولا ينصف لما فيه من معنى العبادة كصوم رمضان، ومثله المحجور عليه بالسفه على قولهما المفتي به.
وحكى الثعلبي عن مالك أنه لا يصح ظهار العبد، ولا تدخل المرأة في هذا الحكم فلو ظاهرت من زوجها لم يلزم شيء كما نقل ذلك عن التاتارخانية عن أبي يوسف، وقال أبو حيان: قال الحسن بن زياد: تكون مظاهرة، وقال الأوزاعي وعطاء وإسحاق وأبو يوسف: إذا قالت المرأة لزوجها: أنت عليّ كظهر فلانة فهي يمين تكفرها، وقال الزهري: أرى أن تكفر كفارة الظهار ولا يحول قولها هذا بينها وبين زوجها أن يصيبها انتهى، والرقبة من الحيوان معروفة، وتطلق على المملوك، وذلك من تسمية الكل باسم الجزء كما في المغرب، وهو المراد هنا.
وفي الهداية هي عبارة عن الذات المرموق من كل وجه فيجزى في الكفارة إعتاق الرقبة الكافرة والمؤمنة والذكر والأنثى والكبير والصغير- ولو رضيعا- لأن الاسم ينطلق على كل ذلك، ومقتضى ذلك إجزاء إعتاق المرتد والمرتدة والمستأمن والحربي، وفي التاتارخانية أن المرتد يجوز عند بعض المشايخ، وعند بعضهم لا يجوز، والمرتدة تجوز بلا خلاف أي لأنها لا تقتل، وفي الفتح إعتاق الحربي في دار الحرب لا يجزيه في الكفارة، وإعتاق المستأمن يجزيه، وفي التاتارخانية لو أعتق عبدا حربيا في دار الحرب إن لم يخل سبيله لا يجوز وإن خلي سبيله ففيه اختلاف المشايخ، فبعضهم قالوا: لا يجوز- وشمل الرقبة الصحيح والمريض فيجزي كل منهما- واستثنى في الخانية مريضا لا يرجى برؤه فإنه لا يجوز لأنه ميت حكما، وفي جواز إعتاق حلال الدم كلام: فحكي في البحر أنه إذا أعتق عبدا حلال


الصفحة التالية
Icon