الدم قد قضي بدمه ثم عفى عنه (١) فلو كان أبيض العينين فزال البياض أو كان مرتدا فأسلم لا يجوز.
وفي جامع الفقه جاز المديون والمرهون ومباح الدم، ويجوز إعتاق الآبق إذا علم أنه حي، ولا بد أن تكون الرقبة غير المرأة المظاهر منها لما في الظهيرية والتاتارخانية أمة تحت رجل ظاهر منها ثم اشتراها وأعتقها كفارة ظهارها قيل: تجزي، وقيل: لا تجزي في قول أبي حنيفة ومحمد خلافا لأبي يوسف، ويجوز الأصم استحسانا إذا كان بحيث إذا صحيح عليه يسمع، وفي رواية النوادر لا يجوز ولا تجزى العمياء ولا المقطوعة اليدين أو الرجلين، وكذا مقطوع إبهام اليدين ومقطوع إحدى اليدين وإحدى الرجلين من جانب واحد والمجنون الذي لا يعقل، ولا يجوز إعتاق المدبر وأم الولد، وكذا المكاتب الذي أدى بعض المال وإن اشترى أباه أو ابنه ينوي بالشراء الكفارة جاز عنها، وإن أعتق نصف عبد مشترك وهو موسر فضمن قيمة باقية لم يجز عند الإمام، وجاز عند صاحبيه، وإن أعتق نصف عبده عن كفارته ثم جامع ثم أعتق باقيه لم يجزه عنده لأن الإعتاق يتجزأ عنده، وشرط الإعتاق أن يكون قبل المسيس بالنص، وإعتاق النصف حصل بعده، وعندهما إعتاق النصف إعتاق الكل فحصل الكل قبل المسيس، واشترط الشافعي عليه الرحمة كون الرقبة مؤمنة ولو تبعا لأصل أو دار أو ساب حملا للمطلق في هذه الآية على المقيد في آية القتل بجامع عدم الإذن في السبب.
وقال الحنفية: لا يحمل المطلق على المقيد إلا في حكم واحد في حادثة واحدة لأنه حينئذ يلزم ذلك لزوما عقليا إذا الشيء لا يكون نفسه مطلوبا إدخاله في الوجود مطلقا ومقيدا كالصوم في كفارة اليمين. ورد مطلقا ومقيدا بالتتابع في القراءة المشهورة التي تجوز القراءة بمثلها، والكلام في تحقيق هذا الأصل في الأصول.
وقالوا على تقدر التنزل إلى أصل الشافعية من الحمل مطلقا: إنه لا يلزم من التضييق في كفارة الأمر الأعظم وهو القتل ثبوت مثله فيما هو أخف منه ليكون التقييد فيه بيانا في المطلق، وما ذكروه من الجامع لا يكفي، ووافقوا في كثير مما عدا ذلك، وخالفوا أيضا في كثير فقالوا: يشترط في الرقبة أن تكون بلا عيب يخل بالعمل والكسب فيجزىء صغير ولو عقب ولادته وأقرع وأعرج يمكنه من غير مشقة لا تحتمل عادة تتابع المشي وأعور لم يضعف نظر سليمته حتى أخل بالعمل إخلالا بيّنا وأصم وأخرس يفهم إشارة غيره ويفهم غيره إشارته مما يحتاج إليه وأخشم وفاقد أنفه وأذنيه وأصابع رجليه وأسنانه وعنين ومجبوب ورتقاء وقرناء وأبرص ومجذوم وضعيف بطش ومن لا يحسن صنعة وولد زنا وأحمق- وهو من يضع الشيء في غير محله مع علمه بقبحه- وآبق ومغصوب وغائب علمت حياته أو بانت وإن جهلت حالة العتق لازمنه وجنين وإن انفصل لدون ستة أشهر من الإعتاق أو فاقد يد أو رجل أو أشل أحدهما أو فاقد خنصر وبنصر معا من يد أو أنملتين من غيرهما أو أنملة إبهام- كما قال النووي عليه الرحمة- ولا هرم عاجز ولا من هو في أكثر وقته مجنون ولا مريض لا يرجى عند العتق برء مرضه- كسلال- فإن برأ بعد إعتاقه بان الإجزاء في الأصح ولا من قدم لقتل بخلاف من تحتم قتله في المحاربة قبل الرفع للإمام، ولا يجزى شراء أو تملك قريب أصل أو فرع بنية كفارة ولا عتق أم ولد ولا ذو كتابة صحيحة قبل تعجيزه، ويجزى مدبر ومعلق عتقه بصفة غير التدبير، وقالوا:
لو أعتق معسر نصفين له من عبدين عن كفارة فالأصح الإجزاء إن كان باقيهما أو باقي أحدهما حرّا إلى غير ذلك.
وفي الإتيان بالفاء في قوله تعالى: فَتَحْرِيرُ إلخ دلالة على ما قال بعض الأجلة: على تكرر وجوب التحرير بتكرر الظهار، فإذا كان له زوجتان مثلا فظاهر من كل منهما على حدة لزمه كفارتان.

(١) هكذا في خط المؤلف، ولعل هنا سقطا فحرر اه.


الصفحة التالية
Icon