عنهما قال: «نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن أصناف النساء إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات وحرم كل ذات دين غير الإسلام».
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن جابر بن عبد الله «أنه سئل عن نكاح المسلم اليهودية والنصرانية فقال:
تزوجناهن زمن الفتح ونحن لا نكاد نجد المسلمات كثيرا فلما رجعنا طلقناهن.
وأخرج ابن جرير عن الحسن أنه سئل أيتزوج الرجل المرأة من أهل الكتاب؟ فقال: ما له ولأهل الكتاب وقد أكثر الله تعالى المسلمات فإن كان لا بد فاعلا فليعمد إليها حصانا غير مسافحة، قال الرجل: وما المسافحة؟ قال: هي التي إذا لمح الرجل إليها بعينة اتبعته»
إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ أي مهورهن وهي عوض الاستمتاع بهن- كما قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وغيره- وتقييد الحل بإيتائها لتأكيد وجوبها لا للاحتراز، ويجوز أن يراد بالإيتاء التعهد والالتزام مجازا، ولعله أقرب من الأول، وإن كان المآل واحدا، و «إذا» ظرف لحل المحذوف، ويحتمل أن تكون شرطية حذف جوابها أي إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ حللن لكم. مُحْصِنِينَ أي إعفاء بالنكاح وهو منصوب على الحال من فاعل آتَيْتُمُوهُنَّ وكذا قوله تعالى: غَيْرَ مُسافِحِينَ، وقيل: هو حال من ضمير مُحْصِنِينَ، وقيل:
صفة- لمحصنين- أي غير مجاهرين بالزنا، وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ أي ولا مسرين به، والخدن الصديق يقع على الذكر والأنثى، وقيل: الأول نهي عن الزنا، والثاني نهي عن مخالطتهنّ، ومُتَّخِذِي يحتمل أن يكون مجرورا عطفا على مُسافِحِينَ وزيدت لا لتأكيد النفي المستفاد من غير، ويحتمل أن يكون منصوبا عطفا على غَيْرَ مُسافِحِينَ باعتبار أوجهه الثلاثة وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ أي من ينكر المؤمن به، وهو شرائع الإسلام التي من جملتها ما بين هنا من الأحكام المتعلقة بالحل والحرمة، ويمتنع عن قبولها فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ أي الذي عمله واعتقد أنه قربة له إلى الله تعالى. وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ أي الهالكين، والآية تذييل لقوله تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ إلخ تعظيما لشأن ما أحله الله تعالى وما حرمه، وتغليظا على من خالف ذلك، فحمل الإيمان على المعنى المصدري وتقدير مضاف- كما قيل- أي بموجب الإيمان، وهو الله تعالى ليس بشيء، وإن أشعر به كلام مجاهد، وضمير الرفع مبتدأ، ومِنَ الْخاسِرِينَ خبره، وفِي متعلقة بما تعلق به الخبر من الكون المطلق، وقيل: بمحذوف دلّ عليه المذكور أي خاسرين في الآخرة، وقيل: بالخاسرين على أن أل معرفة لا موصولة لأن ما بعدها لا يعمل فيما قبلها، وقيل: يغتفر في الظرف ما لا يغتفر في غيره كما في قوله:

ربيته (١) حتى إذا ما تمعددا كان جزائي بالعصا أن أجلدا
هذا «ومن باب الإشارة في الآيات» : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بالإيمان العلمي أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أي بعزائم التكليف، وقال أبو الحسن الفارسي: أمر الله تعالى عباده بحفظ النيات في المعاملات، والرياضات في المحاسبات، والحراسة في الخطرات، والرعاية في المشاهدات، وقال بعضهم: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ عقد القلب بالمعرفة، وعقد اللسان بالثناء، وعقد الجوارح بالخضوع، وقيل: أول عقد عقد على المرء عقد الإجابة له سبحانه بالربوبية وعدم المخالفة بالرجوع إلى ما سواه، والعقد الثاني عقد تحمل الأمانة وترك الخيانة أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ أي أحل لكم جميع أنواع التمتعات والحظوظ بالنفوس السليمة التي لا يغلب عليها السبعية والشره إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ من
(١) قوله: «ربيته» إلخ هكذا بخطه وليس بمستقيم الوزن كما هو ظاهر لمن له إلمام بفن الشعر، فلعل «ما» زيدت من قلمه اه.


الصفحة التالية
Icon