أعجمي لا عربي مشتق من الأسف وسمي به لأسف أبيه عليه أو أسفه على أبيه أو أسف من يراه على مفارقته لمزيد حسنه كما قيل، وإلّا لانصرف لأنه ليس فيه غير العلمية ولا يتوهمن أن فيه وزن الفعل أيضا إذ ليس لنا فعل مضارع مضموم الأول والثالث، وكذا يقال في يونس، وقرىء بفتح السين وكسرها على ما هو الشائع في الأسماء الأعجمية من التغيير لا على أنه مضارع بني للمفعول أو للفاعل من آسف لأن القراءة المشهورة شهدت بعجميته ولا يجوز أن يكون أعجميا وغير أعجمي قاله غير واحد لكن في الصحاح أن يعفر ولد الأسود الشاعر إذا قلته بفتح الياء لم تصرفه لأنه مثل يقتل.
وقال يونس: سمعت رؤبة يقول: أسود بن يعفر بضم الياء وهذا ينصرف لأنه قد زال عنه شبه الفعل اهـ.
وصرحوا بأن هذا مذهب سيبويه، وأن الأخفش خالفه فمنع صرفه لعروض الضم للاتباع، وعلى هذا يحتمل أن يقال: إنه عربي ومنه من الصرف على قراءة الفتح والكسر للعلمية ووزن الفعل. وكذا على قراءة الضم بناء على ما يقوله الأخفش ويلتزم كون ضم ثالثه اتباعا لضم أوله، وأجيب بأنه لو كان عربيا لوقع فيه الخلاف كما وقع في يعفر، والظاهر أن أعجميته متحققة عندهم ولذا التزموا منعه من الصرف لها وللعلمية ولا الالتفات لذلك الاحتمال.
وقرأ طلحة بن مصرف- يؤسف- بالهمز وفتح السين، وقد جاء فيه الضم والكسر مع الهمز أيضا فيكون فيه ست لغات لِأَبِيهِ يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم،
وفي الصحيح عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: «قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم».

نسب كأن عليه من شمس الضحى نورا ومن ضوء الصباح عمودا
يا أَبَتِ أصله يا أبي فعوض عن الياء تاء التأنيث لتناسبهما في كون كل منهما من حروف الزيادة ويضم الى الاسم في آخره ولهذا قلبها هاء في الوقف ابن كثير وابن عامر، وخالف الباقون فأبقوها تاء في الوقف وكسرت لأنها عوض عن الياء التي هي أخت الكسرة فحركت بحركة تناسب أصلها لا لتدل على الياء ليكون ذلك كالجمع بين عوضين أو بين العوض والمعوض، وجعل الزمخشري هذه الكسرة كسرة الياء زحلقت الى التاء لما فتح ما قبلها للزوم فتح ما قبل تاء التأنيث، وقرأ ابن عامر وأبو جعفر (١)، والأعرج بفتحها لأن أصلها وهو الياء إذا حرك حرك بالفتح، وقيل:
لأن أصل يا أَبَتِ يا أبتا بأن قلبت الياء ألفا ثم حذفت وأبقيت فتحتها دليلا عليها، وتعقب بأن يا أبتا ضعيف (٢) كيا أبتي حتى قيل: إنه يختص بالضرورة كقوله يا أبتا علك أو عساكا وقال الفراء وأبو عبيدة وأبو حاتم: إن الألف المحذوفة من يا أبتا للندبة، ورد بأن الموضع ليس موضع ندبة، وعن قطرب أن الأصل- يا أبة- بالتنوين فحذف والنداء باب حذف، ورد بأن التنوين لا يحذف من المنادى المنصوب نحو يا ضاربا رجلا، وقرىء بضم التاء إجراء لها مجرى الأسماء المؤنثة بالتاء من غير اعتبار التعويض، وأنت تعلم أن ضم المنادى المضاف شاذ وإنما لم تسكن مع أن الباء التي وقعت هي عوضا عنها تسكن لأنها حرف صحيح منزل منزلة الاسم فيجب تحريكها ككاف الخطاب.
وزعم بعضهم أن الياء أبدلت تاء لأنها تدل على المبالغة والتعظيم في نحو علامة ونسابة والأب والأم مظنة التعظيم فعلى هذا لا حذف ولا تعويض، والتاء حينئذ اسم، فقد صرحوا أن الاسم إذا كان على حرف واحد وأبدل لا
(١) المروي عن ابن عامر أنه قرأ به في القرآن اهـ منه
(٢) لما فيه من الجمع بين عوضين، وفي الثاني الجمع بين العوض والمعوض اهـ منه.


الصفحة التالية
Icon