يخرج عن الاسمية، وقال الكوفيون: إن التاء لمجرد التأنيث وياء بالإضافة مقدرة، ويأباه عدم سماع يا أبتي في السعة، وكذا سماع فتحها على ما قيل، وتعقب بأن تاء لات للتأنيث عند الجمهور وكذا تاء ربت، وثمت وهي مفتوحة إِنِّي رَأَيْتُ أي في المنام كما يقتضيه كلام ابن عباس وغيره، وكذا قوله سبحانه: لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ وهذا تأويل رؤياي، فإن مصدر رأي الحلمية الرؤيا ومصدر البصرية الرؤية في المشهور، ولذا خطىء المتنبي في قوله:
ورؤياك أحلى في العيون من الغمض وذهب السهيلي وبعض اللغويين الى أن الرؤيا سمعت من العرب بمعنى الرؤية ليلا ومطلقا، واستدل بعضهم لكون رأي حلمية بأن ذلك لو وقع يقظة وهو أمر خارق للعادة لشاع وعد معجزة ليعقوب عليه السلام أو إرهاصا ليوسف عليه السلام، وأجيب بأنه يجوز أن يكون في زمان يسير من الليل والناس غافلون، والحق أنها حلمية، ومثل هذا الاحتمال مما لا يلتفت إليه.
وقرأ أبو جعفر «أني» (١) بفتح الياء أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وهي جربان والطارق والذيال وقابس وعمودان والفيلق والمصبح والفزع ووثاب وذو الكتفين والضروج
فقد روي عن جابر أن سنانا اليهودي جاء الى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال: أخبرني يا محمد عن النجوم التي رآهن يوسف فسكت فنزل جبريل عليه السلام فأخبره بذلك فقال عليه الصلاة والسلام: هل أنت مؤمن إن أخبرتك؟ قال: نعم فعد صلّى الله عليه وسلّم ما ذكر فقال اليهودي: أي والله إنها لأسماؤها.
وأخرج السهيلي عن الحارث بن أبي أسامة نحو ذلك إلا أنه ذكر النطح بدل المصبح، وأخرج الخبر الأول جماعة من المفسرين وأهل الأخبار وصححه الحاكم، وقال: إنه على شرط مسلم، وقال أبو زرعة وابن الجوزي: إنه منكر موضوع.
وقرأ الحسن وطلحة بن سليمان وغيرهما أَحَدَ عَشَرَ بسكون العين لتوالي الحركات وليظهر جعل الاسمين اسما واحدا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ عطف على ما قبل.
وزعم بعضهم أن الواو للمعية وليس بذاك وتخصيصهما بالذكر وعدم الاندراج في عموم الكواكب لاختصاصهما بالشرف وتأخيرهما لأن سجودهما أبلغ وأعلى كعبا فهو من باب لا يعرفه فلان ولا أهل بلده، وتقديم الشمس على القمر لما جرت عليه عادة القرآن إذا جمع الشمس والقمر، وكان ذلك إما لكونها أعظم جرما وأسطع نورا وأكثر نفعا من القمر وإما لكونها أعلى مكانا منه وكون فلكها أبسط من فلكه على ما زعمه أهل الهيئة وكثيرين من غيرهم، وإما لأنها مفيضة النور عليه كما ادعاه غير واحد، واستأنس له بقوله سبحانه: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً [يونس: ٥] وإنما أورد الكلام على هذا الأسلوب ولم يطو ذكر العدد لأن المقصود الأصلي أن يتطابق المنام ومن هو في شأنهم وبترك العدد يفوت ذلك رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ استظهر في البحر أن رَأَيْتُهُمْ تأكيد لما تقدم تطرية للعهد كما في قوله تعالى: أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ واختار الزمخشري التأسيس وأن الكلام جواب سؤال مقدر كأن يعقوب عليه السلام قال له عند قوله: رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كيف رأيتها؟ سائلا عن حال رؤيتها فقال: رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ وكأنه لا يرى أن رأي

(١) قوله: وقرأ أبو جعفر إلخ هكذا بخطه ولعلها من غير المتواتر عنه. [.....]


الصفحة التالية
Icon