تنبيهان:
الأول: ما قاله أئمتنا من أنه لا يجوز الوقف على كلمة كذا وكذا إنما يريدون بذلك الوقف الاختياري "بالياء المثناة تحت" الذي يحسن في القراءة ويروق في التلاوة ولا يريدون به أنه حرام أو مكروه إذ ليس في القرآن الكريم وقف واجب يأثم القارىء بتركه أو حرام يأثم القارىء بفعله لأن الوصل والوقف لا يدلان على معنى حتى يختل بذهابهما وإنما يتصف الوقف بالحرمة إذا كان هناك سبب يؤدي إليها فيحرم حينئذ كأن قصد القارىء الوقف من غير ضرورة على لفظ "إله" أو على لفظ "لا يستحي" أو على لفظ "لا يهدي" في قوله تعالى: ﴿وَمَا مِنْ إلاه إِلاَّ إلاه وَاحِدٌ﴾ [المائدة: ٧٣]، ﴿والله لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحق﴾ [الأحزاب: ٥٣]، ﴿والله لاَ يَهْدِي القوم الفاسقين﴾ [الصف: ٥] وما شابه ذلك مما تقدم ذكره في الوقف القبيح إذ لا يفعل ذلك مسلم قلبه مطمئن بالإيمان.
وفي هذا المقام يقول الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية:

وليسَ في القرآن مِنْ وقْفٍ وجَب ولا حرام غير ما له سَبَبْ اهـ
التنبيه الثاني: اشتهر عند كثير من الناس أن الوقف على لفظ "للمصلين" في قوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الذين هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون: ٤-٥] قبيح وحرام ولا يجوز مطلقاً وزعموا أن القارىء لو وقف على هذا اللفظ لأوهم تناول الويل كل مصلٍّ وليس كذلك وإنما الويل "وهو واد في جهنم أو وعيد شديد كما قاله المفسرون" للمصلين الموصوفين بالصفات المذكورة بعد في قوله تعالى: ﴿الذين هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون: ٥] إلى آخر السورة وهذه حجتهم في منع الوقف على هذا اللفظ وحتموا الوصل بالموصولين بعد ليظهر المراد ويتم الكلام. والصواب الذي عليه الجمهور هو جواز الوقف على هذا اللفظ لأنه من رؤوس الآي والوقف على رؤوس الآي سنة لحديث أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها وقد تقدم ذكره غير


الصفحة التالية
Icon