البركوي عليه رحمه الله؛ لأن القارىء إذا قرأ بترك الإظهار والإدغام والقلب والإخفاء وبترك المد في موضعه والقصر كذلك... إلخ فماذا بقي من أحكام التجويد؟ وكيف توصف التلاوة بعد ذلك بالصحة؟ إن ترك هذه الأحكام لا يتفق وقواعد التجويد المجمع عليها بين عامة المسملين. وقد تقدم إجماع الأمة على ذلك. والأمة كما هم متعبَّدون بإقامة حدود القرآن متعبَّدون كذلك بإقامة حروفه وتصحيح ألفاظه، وإقامة الحروف وتصحيحها لا يقومان إلا بتطبيق أحكام التجويد كاملة من إظهار المظهَر وإدغام المدغَم... إلخ.
انظر إلى قول الحافظ ابن الجزري في النشر: "ولا شك أن هذه الأمة كما هم متعبَّدون بفهم معاني القرآن وإقامة حدوده متعبَّدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من أئمة القراءة المتصلة بالحضرة النبوية الأفصحية العربية التي لا تجوز مخالفتها ولا العدول عنها إلى غيرها" أهـ منه بلفظه قلت: ويؤخذ من عبارة الحافظ ابن الجزري هذه أنه لا بد من الأخذ بجميع أحكام التجويد كاملة حال أداء القرآن ولا يجوز العدول عنها إلى غيرها لأنه وصف إقامة الحروف وتصحيحها بالصفة المتلقاة من أئمة القراءة المتصلة بالحضرة النبوية ولم نسمع بل ولم يوجد نص يدل دلالة واضحة أو غير واضحة على أن قراءة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانت بترك الإظهار أو الإدغام... إلخ ما تقدم بل دلت النصوص والأدلة على أنها كانت قراءة محكمة مجوَّدة كما علمها إياه جبريل عليه السلام على هذه الكيفية المعروفة ثم تلقاها عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصحابة رضوان الله عليهم ثم من بعدهم التابعون ثم أتباعهم ثم أئمة القراءة ثم من بعدهم أمم وخلائق لا يُحصَوْن عدداً في جميع الأعصار والأمصار إلى أن وصل إلينا بهذه الصفة بطريق التواتر الذي يستفاد منه القطع واليقين، وإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز لأحد كائناً من كان أن يحيد عن هذه الصفة قيد أنملة فمن تركها وتحول إلى غيرها أو رغب عنها فهو معتد أثيم مستحق للعقاب لتركه واجباً شرعيّاً، ويحضرني الآن فتوى لشيخ الإسلام في وقته العلامة المحقق شيخ شيوخنا الشيخ