الفصل الأول / في بيان اختلاف علماء القراءة واللغة في عدد مخارج الحروف
اختلف علماء القراءة واللغة في عدد المخارج على ثلاثة مذاهب:
الأول: مذهب سيبويه ومن تبعه كالإمامين الجليلين الشاطبي وابن بريّ رضي الله عنهما. ومخارج الحروف عند هؤلاء ستة عشر مخرجاً فقد أسقطوا مخرج الجوف الذي هون مخرج حروف المد الثلاثة ووزعوا حروفه على مخارج الحلق واللسان والشفتين فجعلوا مخرج "الألف" من أقصى الحلق مع الهمزة و"الياء" من وسط اللسان مع الياء المتحركة أو الساكنة بعد فتح و"الواو" من الشفتين مع الواو المتحركة أو الساكنة بعد فتح كذلك.
الثاني: مذهب الفراء والجرمي وقطرب وابن كيسان ومن تبعهم وعدد المخارج عندهم أربعة عشرة مخرجاً فقد أسقطوا مخرج الجوف ووزعوا حروفه كما تقدم في مذهب سيبويه وموافقيه ثم جعلوا مخرج اللام والنون والراء مخرجاً واحداً وهو طرف اللسان مع ما يحاذيه ويعم المخارج على هذين المذهبين أربعة مخارج عامة وهي الحلق واللسان والشفتان والخيشوم. ففي الحلق ثلاثة مخارج وفي اللسان عشرة على المذهب الأول وثمانية على المذهب الثاني وفي الشفتين مخرجان. وفي الخيشوم واحد.
الثالث: مذهب الخليل بن أحمد شيخ سيبويه ومن تبعه من المحققين كالحافظ ابن الجزري وغيره. وعدد المخارج عند أصحاب هذا المذهب سبعة عشر مخرجاً فقد أثبتوا مخرج الجوف في مكانه وجعلوا حروف المد فيه ثابتة لم توزع كما وزعت فيما سبق وكذلك أثبتوا لكل من اللام والنون والراء مخرجاً سيأتي بيان كل منها في محله من الباب. والمختار من هذه المذاهب الثلاثة هو مذهب الخليل بن أحمد وهو الذي عليه الجمهور واختاره الحافظ ابن الجزري