سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} ١. قدم الظالم ثم المقتصد ثم السابق، للإيذان بكثرة الفاسقين وغلبتهم وأن المقتصدين قليل بالإضافة إليهم والسابقون أقل من القليل٢.
"ج" تقديم الأقوى أثرا في حياة الناس:
كما في قوله تعالى: ﴿لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا﴾ ٣، وقد قدم إحياء الأرض وسقي الأنعام على سقي الأناسي لأن حياة الأناسي بحياة أرضهم وحياة أنامهم، فقدم ما هو سبب حياتهم وتعيشهم على سقيهم، ولأنه إذا ظفروا بما يكون سقيا أرضهم، ومواشيهم لم يعدموا سقياهم٤. وكما في قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ الْقُرْآَنَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ، الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ﴾ ٥. عدد الله عز وعلا آلاءه فأراد أن يقدم أول شيء ما هو أسبق قدما من ضروب آلائه وأصناف نعمائه وهي نعمة الدين، فقدم من نعمة الدين ما هو في أعلى مراتبها، وأقصى مراقبها وهو إنعامه بالقرآن.. وأخر ذكر خلق الإنسان عن ذكره ثم أتبعه إياه ليعلم أنه إنما خلقه للدين... ثم ذكر ما تميز به عن سائر الحيوان من البيان وهو: المنطق الفصيح المعرب عما في الضمير"٦.
"د" تقديم الأسرع ورودا إلى النفس:
كما في قوله تعالى: ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ﴾ ٧، وقدم

١ فاطر: ٣٢.
٢ الكشاف ٣/ ٣٠٩.
٣ الفرقان: ٤٠.
٤ الكشاف ٣/ ٩٥.
٥ الرحمن: ١-٥.
٦ الكشاف ٤/ ٤٣.
٧ النساء: ١٤٧.


الصفحة التالية
Icon