هَدَانِي} ولم يفصل بينهما بآية؟ ويجيب: "لا يخلو إما أن يقدم على أخرى القرائن الثلاث، فيفرق بينهن، وإما أن تؤخر القرينة الوسطى. فلم يحسن الأولى لما فيه من تبتير النظم بالجمع بين القرائن، وأما الثاني فلما فيه من نقص الترتيب، وهو التحسر على التفريط في الطاعة ثم التعلل بفقد الهداية ثم تمني الرجعة، فكان الصواب ما جاء عليه وهو: أنه حكى أقوال النفس على ترتيبها ونظمها، ثم أجاب من بينها عما اقتضى الجواب"١.
"ز" إغفال ترتيب الجمل بقصد تصوير سوء الطوية:
ففي تقريع اليهود في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً... ﴾ ٢، وقوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ... ﴾ ٣ فإن قلت: فما للقصة لم تقص على ترتيبها وكان حقها أن يقدم ذكر القتيل والضرب ببعض البقرة على الأمر بذبحها وأن ما قص من قصص بني إسرائيل إنما قص تعديدا لما وجد منهم من الجنايات وتقريعا لهم عليها. ولما جدد فيهم من الآيات العظام، وهاتان قصتان كل واحدة منهما مستقلة بنوع من التقريع، وإن كانتا متصلتين متحدتين، فالأولى لتقريعهم على الاستهزاء وترك المسارعة إلى الامتثال وما يتبع ذلك، والثانية للتقريع على قتال النفس المحرمة، وما يتبعه من الآية العظيمة، وإنما قدمت قصة الأمر بذبح البقرة على ذكر القتيل، لأنه لو عمل على عكسه لكانت قصة واحدة، ولذهب الغرض من تثنية التقريع، ولقد روعيت نكتة بعدما استؤنفت الثانية استئناف قصة برأسها، أن وصلت بالأولى دلالة على اتحادهما بضمير البقرة لا باسمها الصريح في قوله: ﴿اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا﴾ حتى تبين أنها قصتان فيما يرجع إلى
٢ البقرة: ٦٧-٧١.
٣ البقرة: ٧٢-٧٣.