كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} ١، وقوله تعالى في سورة آل عمران: ﴿قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ ٢. يقول الزمخشري: جعل النظر مسببا عن السير في قوله ﴿فَانْظُروا﴾ فكأنه قيل: سيروا لأجل النظر ثم انظروا ولا تسيروا سير الغافلين، وأما قوله: ﴿ثُمَّ انْظُرُوا﴾ فمعناها: إباحة السير في الأرض للتجارة وغيرها من المنافع وإيجاب النظر في آثار الهالكين، ونبه على ذلك بـ "ثم" لتباعد ما بين الواجب والمباح٣.
الوصل والقصص القرآني:
ويقوم الوصل بدور مهم في الربط بين عناصر القصة، أو في الربط بينها ما يشبهها في المضمون أو الهدف، لتتحول إلى قصة طويلة متعددة الأجزاء - ففي سورة البقرة عطف قصة المنافقين من أول قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾ ٤ إلى قوله: ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ﴾ ٥ على قصة الذين كفروا، من قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ٦ إلى قوله تعالى: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ ٧ لأن المنافقين جبناء يظهرون غير ما يبطنون فلا يناسبهم في المقام إلا أن يعطفوا بقصتهم على قصة الكفار وتصير القصتان قصة طويلة لها جزآن.
ومر بنا كيف أبرز الوصل عناصر قصة الخبث اليهودي وجناياتهم، فالجنايات كلها في درجة واحدة من الإثم، فلا مبرر للتسلسل المنطقي للأحداث فإغفال الترتيب أصدق تصوير للنفس غير السوية التي لا قرار لها ولا إيمان٨.
٢ آل عمران: ١٣٧.
٣ الكشاف ٢/ ٧.
٤ البقرة: ٨.
٥ البقرة: ٢٠.
٦ البقرة، ٦/ ١١ ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾.
٧ البقرة: ٧، والكشاف ١/ ١٦٥.
٨ الكشاف ١/ ٢٩٠.