الْكِتَابُ} حين كان وزانه في الآية وزان "نفسه" في قولك "جاءني الخليفة نفسه" أو وزان "بينا" في قولك "هو الحق بينا" يدلك على ذلك أنه حين بولغ في وصف الكتاب ببلوغه الدرجة القصيا من الكمال والوفرة في شأنه تلك المبالغة، حيث جعل المبتدأ لفظة "ذلك" وأدخل على الخبر حرف التعريف بشهادة الأصول -كما سبقت- كان عند السماع قبل أن يتأمل مظنة أن ينظمه في سلك ما قد يرمي به على سبيل الجزاف من غير تحقق وإيقان، فأتبعه ﴿لا رَيْبَ فِيهِ﴾ نفيا لذلك، وقد أصيب به المحز اتباع "نفسه" "الخليفة"، إزالة لما عسى يتوهم السامع أنك في قولك "جاءني الخليفة" متجوز أو ساه، وتقرير كونه حالا مؤكدة ظاهر.
وكذلك فصل ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ لمعنى التقرير فيه للذي قبله، لأن قوله ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ﴾ مسوق لوصف التنزيل بكمال كونه هاديا، وقوله ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ تقديره كما لا يخفى "هو هدى" وأن معناه: نفسه هداية محضة بالغة درجة لا يكتنه كنهها، وأنه في التوكيد والتقرير لمعنى: أنه كامل في الهداية كما ترى"١.
"ج" الفصل للبدل:
والحالة المقتضية للإبدال أن يكون الكلام السابق غير واف، والمقام مقام اعتناء بشأنه، إما لكونه مطلوبا في نفسه أو غريبا أو فظيعا أو عجيبا أو لطيفا. فيعيده المتكلم بنظم أوفى منه.
ومن أمثلته:
قول الشاعر:
أقول له ارحل لا تقيمن عندنا | وإلا فكن في السر والجهر مسلما |