الوقف عليه اضطراريا وهو المصطلح عليه بـ "القبيح" ولا يجوز تعمد الوقف عليه إلا لضرورة مِن انقطاع نفس أو نحوه لعدم الفائدة أو لفساد معنى١.
فالوقف بأنواعه، أو القطع أو الفصل، إنما يعني شيئا واحدا هو "الوقف" وتراه هنا يدور حول تمام المعنى واكتفائه بنفسه عن أن يوصل بما بعده وإن لم يتوافر التمام المطلق، فالشبيه بالتمام، أي: أن يكون المعنى الثاني له فضل تعلق بالمعنى الأول، وهذا هو "الوقف الكافي" و"الوقف الحسن"، وكأننا نقرأ عن "كمال الانقطاع" و"شبه كمال الانقطاع".
ومن الطريف أن يشير ابن الجزري إلى أن القراءة الصحيحة البليغة هي القراءة التي تراعي مواضع الفصل والوصل، بقول: "من الأوقاف ما يتأكد استحبابه لبيان المعنى المقصود، وهو ما لو وصل طرفاه لأوهم معنى غير المراد، فمن التام: الوقف على قوله: ﴿وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ﴾ والابتداء ﴿إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ ٢؛ لئلا يوهم أن ذلك من قولهم. وقوله: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ﴾ عند الجمهور، وعلى ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ ٣ مع وصله عند الآخرين لما تقدم. وقوله: ﴿أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ﴾ والابتداء ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ﴾ ٤ لئلا يوهم العطف. ونحو قوله: ﴿أَصْحَابُ النَّارِ﴾ والابتداء ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ﴾ ٥ لئلا يوهم النعت. وقوله: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ﴾ والابتداء ﴿وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ ٦ لئلا يوهم وصل "ما" وعطفها... "٧.
٢ يونس: ٦٥.
٣ آل عمران: ٧.
٤ الزمر: ٣٢.
٥ غافر: ٦، ٧.
٦ إبراهيم: ٣٨.
٧ النشر: ١/ ٢٣٢.