بعده، فإذا ابتدأت فقد وجب عليك مذكور بعد المبتدأ لا بد منه وإلا فسد الكلام"١.
وضرب المبرد مثلا لضمير الفصل "كان زيد هو العاقل"٢ ويسمه الكوفيون "العماد" لأنه يعتمد عليه في الفائدة، إذ تبين أن الثاني خبر لا تابع٣ وضرب الفراء مثلا لذلك قوله تعالى في سورة الأنفال: ﴿وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ... ﴾ ٤ أما الطبري فضرب مثلا آخر. قوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾ ٥.
-الجملة المعترضة:
ويفرد ابن جني للجملة المعترضة بابًا في الخصائص فهي من طرق الفصل بين أركان الجملة الواحدة، وبين الجملة والجملة يقول: اعلم أن هذا القبيل من العلم كثير قد جاء في القرآن وفصيح الشعر ومنثور الكلام، وهو جار عندهم مجرى التوكيد، فلذلك لا يشنع عليهم ولا يستنكر عندهم أن يعترض به بين الفعل وفاعله، وغير ذلك، مما لا يجوز الفصل فيه بغيره إلا شاذا أو متأولا، قال سبحانه وتعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ، إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ﴾ ٦ فهذا فيه اعتراضان، أحدهما قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾... والآخر قوله تعالى: ﴿لَوْ تَعْلَمُونَ﴾، فذانك
٢ المبرد، المقتضب ٤/ ١٠٣، ١٠٤، ١٠٥.
٣ انظر ابن هشام، المغني ٢/ ١٠٤ "شرح حال الضمير المسمى فصلا أو عمادا" ط الحلبي، وابن الأنباري، الإنصاف في مسائل الخلاف ٢/ ٧٠٦ تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، وعباس حسن، النحو الوافي ١/ ٢٤٢ ط دار المعارف، الخامسة.
٤ سورة الأنفال: ٣٢. والفراء، معاني القرآن ١/ ٤٠٩ وانظر ١/ ٥١، ٥٢.
٥ سورة البقرة: ٨٥. والطبري، جامع البيان ٢/ ٣١٢، ٣١٣، ٣٧٤ ويسميه الطبري "العماد".
٦ الواقعة: ٧٥-٧٧.