ويعلل "الأعلم" سبب الحسن مع وجود الواو، وسبب القبح مع دخول الفاء لقوله: "حمل شعث على عطل لأنهما صفتان ثابتتان معا في الموصوف. فعطفت إحداهما على الأخرى بالواو، لأن الواو معناها الاجتماع ولو عطفت بالفاء لم يجز لأن الفاء للتفرقة١.
"ب" الجملة تأتي موصولة مرة ومفصولة أخرى للتفسير:
وذلك في قوله تعالى في سورة إبراهيم: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ﴾ ٢. فجملة "يذبحون" جاءت مرة بالواو ومتصلة بما قبلها، وأخرى بدون الواو ومنفصلة عما قبلها٣، ويفسر الفراء ذلك بقوله: "فمعنى الواو أنه يمسهم العذاب غير التذبيح، كأنه قال: يعذبونكم بغير الذبح وبالذبح، ومعنى طرح الواو، كأنه طرح لصفات العذاب، وإذا كان الخبر من العذاب أو الثواب مجملا في كلمة ثم فسرته، فاجعله بغير الواو، وإذا كان أوله غير آخره فبالواو٤، ويضرب مثلا آخر للمجمل قوله عز وجل: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا﴾ ٥، فالآثام فيه نية العذاب قليله وكثيره، ثم فسره بغير الواو فقال: ﴿يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ ٦، ولو كان غير مجمل لم يكن ما ليس به تفسيرا له، ألا ترى أنك تقول: عندي دابتان بغل وبرذون ولا يجوز: عندي دابتان وبغل وبرذون، وأنت تريد تفسير الدابتين بالبغل والبرذون. ففي هذا كفاية عما نترك من ذلك فقس عليه٧.
٢ إبراهيم: ٦.
٣ البقرة: ٤٩، ﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ... ﴾.
٤ الفراء، معاني القرآن ٢/ ٦٨ و٦٩.
٥ الفرقان: ٦٨.
٦ الفرقان: ٦٩.
٧ معاني القرآن ٢/ ٦٩.