ثالثا: في تذوق الفصل:
١- الفصل لتثبيت المعنى وتوكيده ويكون:
"أ" بعطف البيان١:
لأن البيان يعني: أن المبين هو عين الشيء المتقدم، لأنه تفسير له وتبيين، وبهذا يتكرر ذكره، وقد يكون في المعطوف عليه معنى من المعاني التي يتميز بها فيصير هذا المعنى وصفا للمعطوف وعلامة له، يقول الزمخشري في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، قَوْمَ فِرْعَوْنَ﴾ ٢ سجل عليهم الظلم بأن قدَّم القوم الظالمين، ثم عطفهم عليهم عطف البيان، كأن معنى القوم الظالمين وترجمته: ﴿قَوْمَ فِرْعَوْنَ﴾ ٣.
ويقول في قوله تعالى: ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ ٤ ﴿خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ﴾ مجرى المعطوف عطف البيان من المعطوف عليه في البيان والوضوح"٥.
"ب" وبالبدل:
وفائدة البدلية هنا التوكيد، يقول الزمخشري في قوله تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ
٢ الشعراء: ١٠.
٣ الكشاف ٣/ ١٠٦.
٤ الأعراف: ١٢.
٥ الكشاف ٣/ ٣٨٤، ومثله قوله تعالى: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ﴾ [البقرة: ١٠٢]، والكشاف ١١/ ٣٠١، وقوله تعالى: ﴿وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ، جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا﴾ [إبراهيم: ٢٨]، والكشاف ٢/ ٣٧٧، وقوله تعالى: ﴿أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ﴾ [هود: ٦٠]، والكشاف ٢/ ٢٧٨، وقوله تعالى: ﴿إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ، مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ﴾ [غافر: ٣٠ و٣١]، والكشاف ٣/ ٤٢٦، وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ﴾ [فصلت: ٢٨]، والكشاف ٣/ ٤٥٢، وغيرها.