مُسْتَهْزِئُونَ} رد للإسلام. ودفع له منهم، لأن المستهزئ بالشيء المستخف به منكر له ودافع لكونه معتدا به، ودفع نقيض الشيء تأكيد لثباته أو بدل منه لأنه من حقر الإسلام فقد عظم الكفر"١.
٢- الفصل لإيضاح المعنى وبيانه:
وذلك في قوله تعالى: ﴿مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا﴾ ٢. فقوله تعالى: ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا﴾ جار مجرى التفسير والبيان للجملتين المصدرتين بأما ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ و ﴿أَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا﴾، وأن فريق العالمين بأنه الحق وفريق الجاهلين المستهزئين به كلاهما موصوف بالكثرة، وأن العلم بكونه حقا من باب الهدي الذي ازداد به المؤمنون نورا إلى نورهم، وأن الجهل بحسن مورده من الضلالة التي زادت الجهلة خبطا في ظلماتهم٣، ومثله قوله تعالى: ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ﴾ ٤ "أنزله بعلمه" معناه أنزله متلبسا بعلمه الخاص الذي لا يعلمه غيره وهو تأليفه على نظم وأسلوب يعجز عنه كل بليغ وصاحب بيان، وموقعها مما قبلها، موقع الجملة المفسرة، لأنه بيان للشهادة وأن شهادته بصحته أنه أنزله بالنظم المعجز الفائت للقدرة٥.
٢ البقرة: ٢٦.
٣ الكشاف ١/ ٢٦٧.
٤ النساء: ١٦٦.
٥ الكشاف ١/ ٥٨٤ ومثله قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ، يُخَادِعُونَ اللَّهَ﴾ [البقرة: ٩] والكشاف ١/ ١٧٣، وقوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧]، والكشاف ١/ ٣٣٨، وقوله تعالى: ﴿فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ... نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٢] والكشاف ١/ ٣٦٢، وقوله تعالى: ﴿قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ... ﴾ [آل عمران: ١٥] والكشاف ١/ ٤١٦، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ [يونس: ٩] والكشاف ٢/ ٢٢٦، وانظر أيضا الكشاف ١/ ٤٧٣، ٢/ ٣٣١، ٤/ ٨٢.