الثاني وهو تقليل عدد المؤمنين في أعين المشركين لتوضيح مراد الله تعالى الذي فعل ذلك ليكون سببا في قلة مبالاة المشركين بالمؤمنين، وعدم مبالغتهم في الاستعداد والحذر، ولإتمام المراد وهو قتل المشركين وإعزاز الدين.
ونبّه تعالى بقوله: وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ على أن أحوال الدنيا غير مقصودة لذواتها، وإنما المراد منها ما يصلح أن يكون زادا ليوم المعاد.
ومن فضل الله ونعمته وهو نوع رابع من النعم أن قوله: وَيُقَلِّلُكُمْ كان في ابتداء القتال، فلما شرعوا في القتال عظم المسلمون في أعينهم فكثروا كما قال تعالى: يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ
[آل عمران ٣/ ١٣].
ذكر الله والثبات أمام العدو والطاعة وعدم التنازع
[سورة الأنفال (٨) : الآيات ٤٥ الى ٤٧]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (٤٦) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٤٧)
الإعراب:
فَتَفْشَلُوا منصوب بإضمار (أن)، أو مجزوم لدخوله في حكم النهي.
بَطَراً منصوب على المصدر في موضع الحال، أي بطرين مرائين صادّين.
البلاغة:
وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ أي قوتكم، وقال الزمخشري: الريح: الدولة، وفيه استعارة، شبهت


الصفحة التالية
Icon