بعضهم، وهذا إنكار الآخرين عليهم. ولما علموا أن الأمر ملتبس مجهول عليهم اتجهوا إلى ما يهمهم وقالوا: فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ بفضتكم، الورق: الفضة، مضروبة كانت أو غيرها إِلَى الْمَدِينَةِ هي طرسوس أو أفسوس فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فلينظر أيّ أطعمة المدينة أحل وأطيب، وأكثر وأرخص وَلْيَتَلَطَّفْ وليتكلف اللطف في المعاملة حتى لا يغبن أو في التخفي حتى لا يعرف وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً ولا يفعلن ما يؤدي إلى الشعور.
إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ إن يطلعوا عليكم أو يظفروا بكم، والضمير لأهل المدينة يَرْجُمُوكُمْ يقتلوكم بالرجم أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ يصيروكم إليها كرها، من العود بمعنى الصيرورة وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً إن عدتم في ملتهم.
وَكَذلِكَ كما بعثناهم أَعْثَرْنا أطلعنا عَلَيْهِمْ قومهم والمؤمنين لِيَعْلَمُوا أي قومهم أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ بالبعث حَقٌّ ثابت لأن نومهم وانتباههم كحال من يموت، ثم يبعث، والقادر على إنامتهم المدة الطويلة، وإبقائهم على حالهم بلا غذاء، قادر على إحياء الموتى وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها لا شك فيها إِذْ معمول لأعثرنا أي أعثرنا عليهم حين يتنازعون يَتَنازَعُونَ أي المؤمنين والكفار، والتنازع: التخاصم أَمْرَهُمْ أمر الفتية، في البناء حولهم فَقالُوا أي الكفار ابْنُوا عَلَيْهِمْ أي حولهم بُنْياناً يسترهم. رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ جملة معترضة إما من الله رد على المتنازعين في زمانهم، أو من المتنازعين فيهم على عهد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، أو من المتنازعين للرد إلى الله، بعد ما تذكروا أمرهم.
قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ هم رؤساء البلد أهل الرأي وهم المؤمنون حين أماتهم الله ثانيا بالموت لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ حولهم مَسْجِداً معبدا يصلى فيه، وكانوا نصارى على المشهور وفعل ذلك على باب الكهف.
سَيَقُولُونَ أي المتنازعون في عدد الفتية في زمن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، أي يقول بعضهم ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ أي هم ثلاثة وَيَقُولُونَ يقول بعضهم خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ والقولان لنصارى نجران رَجْماً بِالْغَيْبِ أي ظنا ورميا بالخبر الخفي الذي لا اطلاع لهم عليه، والرحم:
القول بالظن، والغيب: ما غاب عن الإنسان، والمراد هنا: القول بالظن والتخمين ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ قال ابن عباس: أنا من القليل، وذكرهم سبعة.
فَلا تُمارِ تجادل إِلَّا مِراءً المراء: المحاجة فيما فيه مرية وشك وتردد وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً لا تطلب الفتيا من أحد من أهل الكتاب: اليهود، أو لا تسأل أحدا منهم عن قصتهم سؤال مسترشد، فإن فيما أوحي إليك لمندوحة عن غيره، مع أنه لا علم لهم بها، بل ولا سؤال متعنت، تريد افتضاح المسؤول وتزييف ما عنده، فإنه مخلّ بمكارم الأخلاق.


الصفحة التالية
Icon