الإرادة للمشارفة، كما أستعير لها الهم والعزم فَأَقامَهُ الخضر بعمارته، أو بعمود عمده به، وقيل:
مسحه بيده فقام كما روي عن ابن عباس، وقيل: نقضه وبناه، وهو الشائع. لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً جعلا، حيث لم يضيفونا، مع حاجتنا إلى الطعام، وهو تحريض على أخذ الجعل للارتفاق والانتعاش به، وتعريض بأنه فضول واشتغال بما لا يعنيه.
قالَ: هذا فِراقُ أي قال له الخضر: هذا وقت الفراق بيني وبينك سَأُنَبِّئُكَ قبل فراقي لك لِمَساكِينَ عشرة يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ يعملون بها مؤاجرة لها، طلبا للكسب وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ أمامهم الآن، أو خلفهم إذا رجعوا عليه، وكان رجوعهم عليه، واسمه:
جلندي بن كركر، أو منوار بن جلندي الأزدي، وهو ملك كافر يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صالحة غَصْباً من أصحابها، منصوب على المصدر المبين لنوع الأخذ.
أَنْ يُرْهِقَهُما أن يغشاهما طُغْياناً وَكُفْراً لنعمتهما بعقوقه، فيلحقهما شرا، أو يقرن بإيمانهما طغيانه وكفره، فيجتمع في بيت واحد مؤمنان وطاغ كافر، أو يصيبهما بالعدوى فيرتدا بإضلاله،
جاء في حديث مسلم: «طبع كافرا، ولو عاش لأرهقهما ذلك، لمحبتهما له، يتبعانه في ذلك»
قيل: اسم المقتول: خيسور.
خَيْراً مِنْهُ زَكاةً أي صلاحا وتقى وَأَقْرَبَ رُحْماً أقرب منه رحمة، وهي البر بوالديه، فأبدلهما تعالى فتاة تزوجت نبيا، فولدت نبيا، فهدى الله تعالى به أمة.
وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما الكنز: المال المدفون من ذهب وفضة وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً كان أبو الغلامين تقيا صالحا، فأكرمهما الله بصلاحه في أنفسهما ومالهما. قيل: كان بينهما وبين الأب الذي حفظا به سبعة آباء، واسمه كاشح أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما أي إيناس الرشد، وكمال الرأي، قيل:
اسمهما: أصرم وصريم رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ أي مرحومين من ربك، وهو مفعول لأجله، عامله: أراد وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي أي ما فعلت ما ذكر من خرق السفينة، وقتل الغلام، وإقامة الجدار، باختياري، بل بأمر إلهام من الله ما لَمْ تَسْطِعْ، أي تستطع، يقال: اسطاع واستطاع بمعنى أطاق، فجمع بين اللغتين.
المناسبة:
الكلام واضح الصلة بما قبله، فهو في قصة موسى عليه السلام مع الخضر الذي خصه الله بعلم لم يطلع عليه موسى النبي، كما أنه تعالى أعطى موسى بن العلم ما لم يعلّمه الخضر. وهذا أي قتل الغلام هو الحادث الثاني بعد خرق السفينة الذي