أهلها بالقتل أو الأسر، وأهانوهم غاية الهوان، لتتحقق لهم الغلبة والرهبة، ويفعلون هكذا.
وقوله: وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ الأقرب أنه من كلامها الذي أرادت به أن هذه عادتهم المستمرة الثابتة التي لا تتغير لأنها كانت في بيت الملك القديم، فسمعت نحو ذلك ورأت.
وهذا تحذير لقومها من محاربة سليمان ومجيئه إليهم ودخوله بلادهم، وبعد أن استبعدت فكرة الحرب، لجأت إلى الوسائل الودية ومنها المسالمة والمصالحة، واقترحت إرسال هدية إليه، وكان ذلك هو الرأي السديد.
وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ، فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ أي وإني ألجأ إلى هذه التجربة وهي بعث هدية إليه، تليق بمثله، وأختبر أمره، أهو نبي أم ملك؟ وأنظر ماذا يكون جوابه بعدئذ، فلعله يقبل ذلك منا ويكف عنا، أو يفرض علينا خراجا نرسله إليه في كل عام، فنأمن جانبه، ويترك قتالنا ومحاربتنا.
قال قتادة رحمه الله: ما كان أعقلها في إسلامها وشركها، علمت أن الهدية تقع موقعا من الناس.
قال صلّى الله عليه وسلم فيما رواه ابن عساكر عن أبي هريرة وهو حسن: «تهادوا تحابوا، وتصافحوا يذهب الغل عنكم».
وقال ابن عباس وغيره: قالت لقومها: إن قبل الهدية فهو ملك، فقاتلوه، وإن لم يقبلها فهو نبي فاتبعوه.
وكانت الهدية عظيمة مشتملة على ذهب وجواهر ولآلئ وغير ذلك، قال ابن كثير: والصحيح أنها أرسلت إليه بآنية من ذهب، فماذا كان موقف سليمان من الهدية؟:


الصفحة التالية
Icon