التفات من الغيبة إلى التكلم لتأكيد اختصاص الفعل بذاته والتنبيه على أن إنبات الحدائق البهية المختلفة الأنواع لا يقدر عليه غيره تعالى، لذا قال: ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أي لعدم قدرتكم عليه.
حَدائِقَ بساتين مسورة، جمع حديقة. ذاتَ بَهْجَةٍ حسن ورونق. شَجَرَها شجر الحدائق. أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ أغيره يقرن به ويجعل له شريكا، وهو المتفرد بالخلق والتكوين؟
يَعْدِلُونَ يميلون أو ينحرفون عن الحق الذي هو التوحيد، فيشركون بالله غيره.
قَراراً مكانا يستقر عليه الإنسان، فلا يميد بأهله. خِلالَها وسطها، وبين جهاتها المختلفة، جمع خلل: أي وسط. رَواسِيَ جبالا ثوابت، ثبّت بها الأرض. بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ بين العذب والمالح، لا يختلط أحدهما بالآخر. حاجِزاً فاصلا بين الشيئين. لا يَعْلَمُونَ الحق، وهو التوحيد، فيشركون به.
الْمُضْطَرَّ الذي أحوجته الشدة إلى اللجوء والضراعة إلى الله، واللام فيه للجنس، لا للاستغراق، فلا يلزم منه إجابة كل مضطر. وَيَكْشِفُ السُّوءَ أي يرفع السوء عنه وعن غيره. خُلَفاءَ الْأَرْضِ خلفاء فيها، بأن ورّثكم سكناها والتصرف فيها ممن قبلكم، من الخلافة:
وهي الملك والتسلط، والإضافة بمعنى في، أي يخلف كل قرن القرن الذي قبله. أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ الذي خصكم بهذه النعم العامّة والخاصة. قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ تتعظون، وما زائدة لتقليل القليل، والمراد به العدم أو الحقارة التي لا فائدة منها.
أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ يرشدكم إلى مقاصدكم. فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بالنجوم ليلا، وبعلامات الأرض نهارا. والظلمات: ظلمات الليالي، أضافها إلى البر والبحر للملابسة. بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أي أمام المطر. عَمَّا يُشْرِكُونَ به غيره، فهو تعالى القادر الخالق، المنزه عن مشاركة العاجز المخلوق. يَبْدَؤُا الْخَلْقَ بداية خلق الإنسان الأول من التراب، وبدء خلق سلالة الإنسان في الأرحام من نطفة. ثُمَّ يُعِيدُهُ بعد الموت. والكفرة وإن أنكروا الإعادة فهم محجوجون بالبراهين عليها. مِنَ السَّماءِ بالمطر. وَالْأَرْضِ بالنبات. أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ يفعل ذلك؟
الحق أنه لا يفعل شيئا مما ذكر إلا الله، ولا إله معه. بُرْهانَكُمْ حجتكم على أن غيره يقدر على شيء من ذلك. إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في إشراككم، فإن كمال القدرة من لوازم الألوهية.
المناسبة:
بعد أن ذكر الله تعالى قصص أربعة أنبياء مع أقوامهم، وإهلاكهم بسبب شركهم ووثنيتهم، والإدلال على كمال قدرته ونصر رسله على أعدائهم، أمر


الصفحة التالية
Icon