ميل إلى الريبة والفسق والفجور، وقلن القول المعروف المعتاد الذي ليس فيه ترخيم الصوت، البعيد عن الريبة، الذي يختلف عن مخاطبة الأزواج.
وهذا النهي لا يعني أن أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم على حال من السوء تقتضي المنع والكف، وإنما المراد حملهن على أسمى الفضائل وملازمتها، فلما منعهن من الفاحشة وهي الفعل القبيح، منعهن من مقدماتها وهي المحادثة مع الرجال على وجه فيه ريبة وإطماع، وإساءة فهم من في قلبه ميل إلى الفجور والفسوق والنفاق.
ونساء الأمة تبع لنساء النبي صلّى الله عليه وسلّم في هذه الآداب التي أمر الله تعالى بها.
والخلاصة: لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها.
وقوله: إِنِ اتَّقَيْتُنَّ إما متعلق بما قبله، على معنى: لستن كأحد إن اتقيتن، فإن الأكرم عند الله هو الأتقى، وإما أن يكون متعلقا بما بعده، على معنى: إن اتقيتن فلا تخضعن.
ويصح أن يكون اتَّقَيْتُنَّ بمعنى استقبلتن أحدا من الرجال، واتقى بمعنى استقبل معروف في اللغة، قال النابغة:

سقط النصيف ولم ترد إسقاطه فتناولته واتقتنا باليد
أي استقبلتنا باليد. قال أبو حيان: ويكون هذا المعنى أبلغ في مدحهن إذ لم يعلّق فضيلتهن على التقوى، ولا علق نهيهن عن الخضوع بها إذ هن متقيات لله في أنفسهن، والتعليق يقتضي ظاهرة أنهن لسن متحليات بالتقوى «١». والمراد بقوله: مَرَضٌ ميل أو تشوف لفجور، وهو الفسق وحديث السوء، وهذا هو الأصوب فليس للنفاق مدخل في هذه الآية.
(١) البحر المحيط: ٧/ ٢٢٨


الصفحة التالية
Icon