إلي، فلما عادت جعل يمسح بيده سيقانها وأعناقها ونواصيها، تشريفا لها وتكريما وتدليلا وسرورا بها، وتفحصا لأحوالها وإصلاح ما قد يطلع عليه من عيوبها، لأنها عدة الجهاد، ووسيلة الحرب، لرد العدوان، ودفع غارات المعتدين. وقال أكثر المفسرين: معناه أنه مسح السيف بسوقها وأعناقها، أي قطعها، لأنها شغلته عن صلاة العصر. وهذا بعيد على نبي شاكر نعم ربه، يعاقب ما ليس أهلا للعقاب.
الواقعة الثانية:
إلقاؤه جسدا على كرسيه: وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ، وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ أي تالله لقد اختبرنا سليمان عليه السلام باختبار آخر، وهو الفتنة في جسده، كما اختار الرازي، حيث ابتلاه الله بمرض شديد في جسمه، حتى نحل جسمه، وأصبح هزيلا، ثم أناب، أي رجع إلى حال الصحة «١».
وبعض المفسرين كما ذكرت عن البيضاوي وكذا أبو حيان «٢» يفسر هذه الفتنة بما عزم عليه من الطواف على سبعين من نسائه، تأتي كل واحدة بفارس مجاهد في سبيل الله، دون أن يقول: إن شاء الله، فلم تحمل إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل، هو الذي ألقي على جسده، فالجسد الملقى هو المولود شق رجل.
وقيل: إن الملقى شيطان، وهذا قول باطل من الزنادقة. قال ابن كثير:
وهذا وغيره من الإسرائيليات، وهي من المنكرات، من أشدها ذكر النساء «٣».

(١) تفسير الرازي: ٢٦/ ٢٠٩
(٢) البحر المحيط: ٧/ ٣٩٧
(٣) تفسير ابن كثير: ٤/ ٣٥ وما بعدها.


الصفحة التالية
Icon