وتبّع: رجل صالح دار في الدنيا بجيوشه وغلب أهلها وقهرهم، وقد كانت حمير وهم سبأ، كلما ملك فيهم رجل سموه تبّعا، كما يقال (كسرى) لمن ملك الفرس، و (قيصر) لمن ملك الروم، و (فرعون) لمن ملك مصر كافرا، و (النجاشي) لمن ملك الحبشة، وغير ذلك من الألقاب السلطانية.
أخرج الطبراني عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: «لا تسبّوا تبّعا فإنه قد أسلم». وكان يكتب إذا كتب: بسم اللَّه الذي ملك برا وبحرا.
ثم أقام تعالى الدليل على قدرته الفائقة ليستدل بذلك على إمكان البعث، فقال:
وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ أي كيف ينكرون البعث، وقد شاهدوا أدلة قدرتنا في خلق هذا الكون، فإنا خلقنا هذه السموات والأرضين وما بينهما من المخلوقات المنظورة وغير المنظورة، ما خلقنا ذلك عبثا ولعبا، وباطلا ولهوا، وإنما بإبداع لا مثيل له، ولحكمة منقطعة النظير، كقوله جل وعلا: وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلًا، ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا، فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ [ص ٣٨/ ٢٧] وقوله تعالى:
أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً، وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ، فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ، لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ [المؤمنون ٢٣/ ١١٥- ١١٦] فهذا برهان على صحة البعث. وإنما جمع السموات في قوله. وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ لموافقة قوله في أول السورة: رَبِّ السَّماواتِ.
ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ، وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ أي ما خلقنا السماء والأرض وما بينهما إلا خلقا ملازما للحق، ولإظهار الحق، وهو الاستدلال على وجود الخالق ووحدانيته، ولكن أكثر هؤلاء المشركين لا يعلمون ذلك، لقلة نظرهم، فصاروا لا يرجون ثوابا ولا يخشون عقابا.