واللَّه تعالى مطّلع على بيعتهم ومجازيهم خيرا، فيده في الثواب فوق أيديهم في الوفاء، ويديه في المنّة عليهم بالهداية فوق أيديهم في الطاعة، ونعمة اللَّه عليهم فوق ما صنعوا من البيعة، وقوة اللَّه ونصرته فوق قوّتهم ونصرتهم.
ومذهب السلف رضوان اللَّه عليهم: الإيمان الظاهري بما يسمى يد اللَّه، مع تنزيه المولى عن مشابهة الحوادث وصفات الأجسام وإثبات الجوارح (الأعضاء) له، ويقولون: إن معرفة حقيقة اليد هنا فرع عن معرفة حقيقة الذات، ولن يستطيع المخلوق ذلك، فالأولى التفويض في معرفة الحقيقة لله تعالى، مع الإيمان الكامل بكل ما جاء في القرآن والسّنّة الثابتة. ومذهب الخلف: تأويل اليد بالقدرة أو القوة أو النصرة أو النعمة، على طريق الاستعارة بالكناية، كما تقدّم في البلاغة.
٤- إن الناكث ناقض العهد بعد البيعة يرجع ضرر النكث والنقض عليه، لأنه حرم نفسه الثواب وألزمها العقاب.
٥- وإن من أوفى بعهده الذي عاهد اللَّه تعالى عليه في البيعة، سيمنحه اللَّه تعالى في الآخرة ثوابا جزيلا، ويدخله الجنة.
أحوال المتخلفين عن الحديبية
[سورة الفتح (٤٨) : الآيات ١١ الى ١٧]
سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا فَاسْتَغْفِرْ لَنا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (١١) بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً (١٢) وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً (١٣) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٤) سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٥)
قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٦) لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً (١٧)