وجاء القسم في القرآن على أنواع: إما قسم الله بنفسه أو بذاته مثل:
فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ، إِنَّهُ لَحَقٌّ [الذاريات ٥١/ ٢٣] وتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ [الأنبياء ٢١/ ٥٧]. وإما قسم من الله بأشياء من خلقه، دلالة على عظمة مبدعها، كالصافات، والطور، والذاريات، والنجم ومواقع النجوم، والشمس والقمر، والليل والنهار، ويوم القيامة، والفجر والبلد والتين والزيتون.
وقد يكون القسم بالقرآن: يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ [يس ٣٦/ ١- ٢].
ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ [ص ٨٨/ ١]. ق، وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ [ق ٤٥/ ١].
حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ [الزخرف ٤٣/ ١- ٢] [والدخان ٩٠/ ١- ٢] في الزخرف والدخان.
وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ- لَوْ تَعْلَمُونَ- عَظِيمٌ أي وإن هذا القسم عظيم لو تعلمون ذلك. والضمير يرجع إلى القسم المفهوم من الكلام المتقدم.
إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ هذا هو المقسم عليه، أي إن هذا القرآن الذي نزل على محمد لكتاب عظيم، كثير المنافع والفوائد، لما فيه من الهدى والعلم والحكمة والإرشاد إلى سعادة الدنيا والآخرة. وهذه الصفة الأولى للقرآن.
والمناسبة واضحة بين المقسم به وهو النجوم، وبين المقسم عليه وهو القرآن، لأن النجوم تضيء الظلمات، وآيات القرآن تنير الطريق، وتبدد ظلمات الجهل والضلالة، والأولى ظلمات حسية، والثانية ظلمات معنوية.
فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ، لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ هذه ثلاث صفات أخرى للقرآن العظيم: وهي أنه في اللوح المحفوظ مصون مستور لا يطلع عليه إلا الملائكة المقربون، وهم الكروبيون، ولا يمسه في السماء إلا الملائكة الأطهار، ولا يمسه في الدنيا إلا المطهرون من الحدثين: الأصغر