والأكبر، أي الحدث والجنابة، وهو منزل من الله تعالى، فليس بسحر ولا كهانة ولا شعر ولا قول بشر، بل هو الحق الذي لا مرية فيه، وليس وراءه حق نافع.
ويدل فحوى الآية على أنه لا يمس القرآن كافر ولا جنب ولا محدث،
روى مالك في موطئه وابن حبان في صحيحة: أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله ﷺ لعمرو بن حزم ألا يمس القرآن إلا طاهر.
وروى أبو داود في المراسيل وأصحاب السنن من حديث الزهري قال: قرأت في صحيفة عبد أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أن رسول الله ﷺ قال: «ولا يمس القرآن إلا طاهر»
وأسنده الدارقطني عن عمرو بن حزم وعبد الله بن عمر وعثمان بن أبي العاص، لكن في إسناد كل منهما نظر.
وعدم مس المحدث للمصحف أمر يكاد يجمع عليه العلماء، وأجاز بعض الفقهاء وهم المالكية مس المحدث له لضرورة التعلم والتعليم. لكن رجح العلماء أن المراد من الكتاب: الكتاب الذي بأيدي الملائكة، على نحو ما هو مذكور في قوله تعالى: فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ، مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ، بِأَيْدِي سَفَرَةٍ، كِرامٍ بَرَرَةٍ [عبس ٨٠/ ١٣- ١٦] لأن الآية سيقت تنزيها للقرآن عن أن تنزل به الشياطين، ولأن السورة مكية، وأغلب عناية القرآن المكي في أصول الدين من تقرير التوحيد والمعاد والنبوة، وأما الأحكام الفرعية ففي القرآن المدني، ولأن قوله مَكْنُونٍ معناه مصون مستور عن الأعين لا تناله أيدي البشر، ولو أريد به المصحف الذي بأيدينا لم يكن وصفه بكونه مكنونا فائدة كبيرة.
ثم وبخ الله تعالى المتهاونين بشأن القرآن، فقال:
أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ أي أبهذا القرآن الموصوف بالأوصاف الأربعة السابقة متهاونون، تمالئون الكفار على الكفر، وتركنوا إليهم؟
وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ أي وتجعلون شكر رزقكم من السماء وهو