المطر، أو من الأرض وهو الزرع أنكم تكذبون بنعمة الله وبالبعث وبما دل عليه القرآن، فتضعون التكذيب موضع الشكر؟ ومن أظلم ممن وضع التكذيب موضع الشكر!! ثم وبخ الله تعالى المشركين على ما يعتقدون، فقال:
فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ، وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ، وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ، وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ أي فهلا إذا وصلت الروح أو النفس الحلق حين الاحتضار، وأنتم ترون المحتضر قد قارب فراق الحياة، تنظرون إليه وما يكابده من سكرات الموت، ونحن بالعلم والقدرة والرؤية وبملائكتنا أقرب إليه منكم، ولكن لا تبصرون ملائكة الموت الذين يتولون قبضه. وجواب فَلَوْلا سيأتي بعد وهو تَرْجِعُونَها.
ثم أكّد الله تعالى الحث والتحضيض، فقال:
فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ، تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أي فهلا إن كنتم غير محاسبين ولا مجزيين ولا مبعوثين، تمنعون موته، وترجعون الروح التي قد بلغت الحلقوم إلى مقرها الذي كانت فيه، إن كنتم صادقين في زعمكم أنكم لن تبعثوا وأنكم غير مربوبين ولا مملوكين للخالق؟
والمعنى المراد: أنه إذا لم يكن لكم خالق، وأنتم الخالقون، فلم لا ترجعون الأرواح إلى أجسادها حين بلوغها الحلقوم؟! وإن صدقتم ألا بعث، فردوا روح المحتضر إلى جسده، ليرتفع عنه الموت، فينتفي البعث؟ أي إن تحقق الشرطان أو الوصفان منكم: إن كنتم غير مدينين، وإن كنتم صادقين فردوا روح الميت إليه.
ونظير الآية قوله تعالى: كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ، وَقِيلَ: مَنْ راقٍ؟