صلى الله عليه وسلم جمّع بالمدينة، وكانوا أربعين رجلا. ولم يثبت أنه ﷺ صلى بأقل من أربعين، فلا تجوز بأقل منه.
٩- منع الله تعالى البيع عند صلاة الجمعة، وحرمه في وقتها على من كان مخاطبا بفرضها، والمراد من البيع المعاملة مطلقا، فيشمل النهي كل ما يشغل عن الصلاة من شركة وإجارة وزواج ونحوها، فهو مجاز عن ذلك كله، وخص البيع، لأنه أكثر ما يشتغل به أصحاب الأسواق. أما من لا يجب عليه حضور الجمعة، فلا ينهى عن البيع والشراء ونحوهما. والأمر في قوله تعالى: وَذَرُوا الْبَيْعَ للوجوب عند أكثر العلماء، فيكون الاشتغال بهذه الأشياء محرما عند الجمهور، وذلك من حين صعود الإمام على المنبر إلى أن تنقضي الصلاة، وهو مكروه تحريما عند الحنفية.
والبيع صحيح منعقد لا يفسخ عند الحنفية والشافعية، لأنه لم يحرم لعينه أي ليس النهي متوجها نحو خصوص البيع، ولكن لما فيه من الذهول عن الواجب فهو متوجه نحو ترك الجمعة، فكان كالصلاة في الأرض المغصوبة، والوضوء بماء مغصوب. وهو فاسد لا يصح عند الحنابلة، والصحيح المشهور عند المالكية: أنه يفسخ،
لقوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه أحمد ومسلم عن عائشة: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد»
فكل أمر يشغل عن الجمعة من العقود كلها هو حرام شرعا، مفسوخ ردعا.
١٠- السعي إلى ذكر الله، وترك الأعمال من أجله خير للمؤمنين وأنفع من المنافع الدنيوية، فإن كانوا من أهل العلم، عرفوا أن امتثال أوامر الله في الذهاب إلى الجمعة، والانتفاع بالمواعظ، خير لهم في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فيبصرهم الإمام بما فيه الخير والنجاة من الأذى، وأما في الآخرة فإنهم يفوزون برضا الله عنهم، حيث امتثلوا أوامره.


الصفحة التالية
Icon