المفردات اللغوية:
زَحْفاً أي مجتمعين، كأنهم لكثرتهم يزحفون لأن الكل كجسم واحد متصل، فيظن أنه بطيء وهو في الواقع سريع، والمراد: جيشا زاحفين نحوكم لقتالكم. الْأَدْبارَ جمع دبر وهو الخلف، ويقابله القبل، ويكنى بهما عن السوأتين، والمراد من قوله: فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ الهرب منهزمين. وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ أي يوم لقائهم مُتَحَرِّفاً منحرفا أو منعطفا إلى جانب آخر مظهرا الانهزام خدعة ثم يكر، بأن يريهم الفرار مكيدة، وهو يريد الكرة مُتَحَيِّزاً منحازا أو منضما إلى جماعة أخرى ليقاتل العدو معها، والفئة: الجماعة من المسلمين التي يستنجد بها. وأصل الفئة: الطائفة من الناس باءَ رجع متلبسا به وَمَأْواهُ المأوى: الملجأ الذي يأوي إليه الإنسان أو الحيوان وَبِئْسَ الْمَصِيرُ المرجع هي.
فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ ببدر بقوتكم وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ بنصره إياكم وَما رَمَيْتَ يا محمد أعين القوم إِذْ رَمَيْتَ بالحصى لأن كفا من الحصى لا يملأ عيون الجيش الكثير برمية بشر وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى بإيصال ذلك إليهم، ليقهر الكافرين.
لِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً ليختبر المؤمنين منه اختبارا حسنا بالغنيمة، والاختبار يكون بالنقم لمعرفة الصبر، وبالنعم لمعرفة الشكر، والمراد هنا الاختبار بالنعم إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لأقوالهم عَلِيمٌ بأحوالهم.
ذلِكُمْ الإبلاء حق وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ مضعف كَيْدِ الْكافِرِينَ تدبيرهم الذي يقصد به غير ظاهره إِنْ تَسْتَفْتِحُوا تطلبوا أيها الكفار الفتح والنصر في الحرب أي الفصل والقضاء في الأمر، حيث قال أبو جهل: «اللهم أينا كان أقطع للرحم، وأتانا بما لا نعرف، فأحنه الغداة» أي أهلكه فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ القضاء بهلاك من هو كذلك، وهو أبو جهل ومن قتل معه. وَإِنْ تَنْتَهُوا عن الكفر والحرب وَإِنْ تَعُودُوا لقتال النبي صلّى الله عليه وآله وسلم نَعُدْ لنصره عليكم وَلَنْ تُغْنِيَ تدفع فِئَتُكُمْ جماعتكم.
سبب النزول: نزول الآية (١٧) :
وَما رَمَيْتَ: المشهور عند أكثر المفسرين أن هذه الآية نزلت في رمي النبي صلّى الله عليه وآله وسلم يوم بدر القبضة من حصباء الوادي، حين قال للمشركين: شاهت الوجوه، ورماهم بتلك القبضة، فلم يبق عين مشرك إلا دخلها منه شيء.