رَمَانِي بِأَمْرٍ كُنْتُ مِنْهُ وَوَالِدِي | بَرِيئًا وَمِنْ أَجْلِ الطَّوَى رَمَانِي |
وَقَدْ زَعَمَتْ بَنُو سَعْدٍ بِأَنِّي | وَمَا كَذَبُوا كَبِيرُ السِّنِّ فَانِي |
وَقَالَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ: إِنَّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ بِالْقِيَاسِ، لَا بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ وَهُوَ أَظْهَرُهَا. وَقِيلَ: بِالْعَقْلِ، وَهُوَ أَضْعَفُهَا وَأَبْعَدُهَا.
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: هِيَ أَنْ يَتَّحِدَ الْحُكْمُ، وَيَخْتَلِفَ السَّبَبُ، كَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِهَا، فَإِنَّ الْحُكْمَ فِي آيَةِ الْمُقَيَّدِ وَآيَةِ الْمُطْلَقِ وَاحِدٌ، وَهُوَ عِتْقُ رَقَبَةٍ فِي كَفَّارَةٍ، وَلَكِنَّ السَّبَبَ فِيهِمَا مُخْتَلِفٌ ; لِأَنَّ سَبَبَ الْمُقَيَّدِ قَتْلٌ خَطَأٌ، وَسَبَبُ الْمُطْلَقِ ظِهَارٌ، وَمِثْلُ هَذَا الْمُطْلَقِ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، وَكَثِيرٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَلِذَا شَرَطُوا الْإِيمَانَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ حَمْلًا لِهَذَا الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ وَافَقَهُ، قَالُوا: وَيَعْتَضِدُ حَمْلُ هَذَا الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِصَّةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «اعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ»، وَلَمْ يَسْتَفْصِلْهُ عَنْهَا، هَلْ هِيَ فِي كَفَّارَةٍ أَوْ لَا؟ وَتَرْكُ الِاسْتِفْصَالِ فِي مَقَامِ الِاحْتِمَالِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْأَقْوَالِ. قَالَ فِي «مَرَاقِي السُّعُودِ» :
وَنَزِّلْنَ تَرْكَ الِاسْتِفْصَالِ | مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْأَقْوَالِ |