وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [٩ ٤٢]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [٦٣ ٢].
وَأَمَّا صَدُّهُمْ مَنْ أَطَاعَهُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ بَيَّنَهُ اللَّهُ فِي آيَاتٍ مِنْ كِتَابِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا [٣٣ ١٨]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا [٣ ١٥٦]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا [٣ ١٦٨]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ [٤ ٧٢].
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ، أَيْ لِأَجْلِ نِفَاقِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ الْآيَةَ [٤ ١٤٥].
قَوْلُهُ تَعَالَى: لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا.
قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ إِلَى قَوْلِهِ: خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا [١٨ ٣٥ - ٣٦].
قَوْلُهُ تَعَالَى: اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ.
مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ إِسْنَادِ إِنْسَاءِ ذِكْرِ اللَّهِ إِلَى الشَّيْطَانِ - ذَكَرَهُ تَعَالَى فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [٦ ٦٨]، ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ [١٢ ٤٢]، وَفِي مَعْنَاهُ قَوْلُ فَتَى مُوسَى: وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ [١٨ ٦٣].
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ.
ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ دَاخِلُونَ فِي جُمْلَةِ الْأَذَلِّينَ - لَا يُوجَدُ أَحَدٌ أَذَلَّ مِنْهُمْ. وَقَوْلُهُ: يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أَيْ يُعَادُونَ وَيُحَالِفُونَ وَيُشَاقُّونَ، وَأَصْلُهُ مُخَالَفَةُ حُدُودِ اللَّهِ الَّتِي حَدَّهَا.
وَقَوْلُهُ: فِي الْأَذَلِّينَ أَيِ الَّذِينَ هُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ ذُلًّا. وَالذُّلُّ: الصَّغَارُ وَالْهَوَانُ وَالْحَقَارَةُ.


الصفحة التالية
Icon