وَقِيلَ: بَلْ وَاجِبٌ.
وَقِيلَ: مُسْتَحَبٌّ.
وَحَكَى ابْنُ قُدَامَةَ الْإِجْمَاعَ عَلَى اسْتِحْبَابِهَا، وَدَلِيلُ مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ بِنَصِّ الْآيَةِ: وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ، وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حَقِّ الْإِبِلِ لَمَّا ذَكَرَ الزَّكَاةَ «وَأَنَّ حَقَّهَا إِعَارَةُ دَلْوِهَا، وَإِطْرَاقُ فَحْلِهَا، وَمَنْحُهُ لَبَنَهَا يَوْمَ وُرُودِهَا».
وَالْوَاقِعُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ ذُكِرَ فِيهِ مَا لَيْسَ بِعَارِيَةٍ قَطْعًا، مِثْلَ طَرْقِ الْفَحْلِ وَمَنْحِ اللَّبَنِ، مِمَّا يُضْعِفُ الِاسْتِدْلَالَ بِهِ.
وَقَدْ سَاقَ الْمَجْدُ فِي الْمُنْتَقَى بِرِوَايَةِ أَحْمَدَ وَلَهُمْ.
أَمَّا الْوَعِيدُ فِي الْآيَةِ فَقَالُوا: هُوَ مُنْصَبٌّ عَلَى الصِّفَاتِ الثَّلَاثِ: السَّهْوِ عَنِ الصَّلَاةِ، وَالرِّيَاءِ فِي الْعَمَلِ، وَمَنْعِ الْمَاعُونِ جَمِيعًا، وَمَنِ اتَّصَفَ بِوَاحِدَةٍ فَلَهُ قَدْرُهُ مِنَ الْوَعِيدِ بِحَسَبِهِ.
وَأَقَلُّ مَا يُقَالُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [٥ ٢]، وَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ فِي حَقِّ الزَّكَاةِ، لَمَّا ذَكَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَالْإِبِلَ وَالْبَقَرَ وَالْخَيْلَ، وَقَالَ: «وَلَا يَنْسَى حَقَّ اللَّهِ فِي ظَهْرِهَا».
ثُمَّ سُئِلَ عَنِ الْحُمُرِ، فَقَالَ: «لَمْ أَجِدْ إِلَّا الْآيَةَ الشَّاذَّةَ الْفَاذَّةَ: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ» [٩٩ ٧].
وَإِعَارَةُ الْمَتَاعِ إِبَاحَةُ الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ خَيْرٌ كَثِيرٌ.
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ».
وَنَقَلَ الشَّوْكَانِيُّ عَنِ الْكَشَّافِ قَوْلًا: أَنَّهَا تَكُونُ وَاجِبَةً عِنْدَ الِاضْطِرَارِ، وَقَبِيحٌ فِي غَيْرِ الضَّرُورَةِ مُرُوءَةٌ. اهـ.
وَالضَّرُورَةُ: مِثْلَ الدَّلْوِ إِذَا وَرَدْتَ الْمَاءَ وَلَا دَلْوَ مَعَكَ، وَفِي اضْطِرَارٍ إِلَى الْمَاءِ.
وَقِيَاسُ الْفُقَهَاءِ: أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ شَيْءٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ لَضَمِنَ الْمَانِعُ.
كَمَا قَالُوا فِي الِامْتِنَاعِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ: هَلْ هُوَ فِعْلٌ أَوْ تَرْكٌ؟ مِثْلَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ


الصفحة التالية
Icon