قَالَ تَعَالَى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٥)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ) : إِنَّمَا حَذَفَ التَّاءَ ; لِأَنَّ تَأْنِيثَ الْبَيِّنَةِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ ; وَلِأَنَّهَا بِمَعْنَى الدَّلِيلِ.
قَالَ تَعَالَى: (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (١٠٦)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَوْمَ تَبْيَضُّ) : هُوَ ظَرْفٌ لِعَظِيمٍ، أَوْ لِلِاسْتِقْرَارِ فِي لَهُمْ، وَفِي تَبَيَضُّ أَرْبَعُ لُغَاتٍ: فَتْحُ التَّاءِ وَكَسْرُهَا مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ، وَتَبْيَاضُّ بِالْأَلِفِ مَعَ فَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا، وَكَذَلِكَ تَسْوَدُّ.
(أَكَفَرْتُمْ) : تَقْدِيرُهُ: فَيُقَالُ لَهُمْ أَكَفَرْتُمْ، وَالْمَحْذُوفُ هُوَ الْخَبَرُ.
قَالَ تَعَالَى: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (١٠٨)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ) : قَدْ ذُكِرَ فِي الْبَقَرَةِ.
قَالَ تَعَالَى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (١١٠)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) : قِيلَ: كُنْتُمْ فِي عِلْمِي. وَقِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى صِرْتُمْ. وَقِيلَ: كَانَ زَائِدَةٌ ; وَالتَّقْدِيرُ: أَنْتُمْ خَيْرَ، وَهَذَا خَطَأٌ ; لِأَنَّ كَانَ لَا تُزَادُ فِي أَوَّلِ الْجُمْلَةِ، وَلَا تَعْمَلُ فِي خَيْرٍ. (تَأْمُرُونَ) : خَبَرٌ ثَانٍ، أَوْ تَفْسِيرٌ لِخَبَرٍ، أَوْ مُسْتَأْنَفٌ.
(لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ) : أَيْ لَكَانَ الْإِيمَانُ، لَفْظُ الْفِعْلِ عَلَى إِرَادَةِ الْمَصْدَرِ. (مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ) : هُوَ مُسْتَأْنَفٌ.