(وَمُهَيْمِنًا) : حَالٌ أَيْضًا. وَ «مِنَ الْكِتَابِ» حَالٌ مِنْ «مَا»، أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي الظَّرْفِ، وَ «الْكِتَابِ» الثَّانِي جِنْسٌ. وَأَصْلُ مُهَيْمِنٍ مُؤَيْمِنٌ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْأَمَانَةِ؛ لِأَنَّ الْمُهَيْمِنَ
الشَّاهِدُ، وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ هَمَنَ حَتَّى تَكُونَ الْهَاءُ أَصْلًا. (عَمَّا جَاءَكَ) : فِي مَوْضِعِ الْحَالِ؛ أَيْ: عَادِلًا عَمَّا جَاءَكَ. وَ (مِنَ الْحَقِّ) : حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «جَاءَكَ» أَوْ مِنْ «مَا». (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ) : لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْكُمْ صِفَةً لِكُلٍّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ الْفَصْلَ بَيْنَ الصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ بِالْأَجْنَبِيِّ الَّذِي لَا تَشْدِيدَ فِيهِ لِلْكَلَامِ، وَيُوجِبُ أَيْضًا أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَ جَعْلْنَا وَبَيْنَ مَعْمُولِهَا، وَهُوَ «شِرْعَةً» ؛ وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: أَعْنِي.
وَ «جَعَلْنَا» هَاهُنَا إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهَا الْمُتَعَدِّيَةَ إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهَا بِمَعْنَى صَيَّرْنَا. (وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ) : اللَّامُ تَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: وَلَكِنْ فَرَّقَكُمْ لِيَبْلُوَكُمْ. (مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا) : حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ، وَفِي الْعَامِلِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: الْمَصْدَرُ الْمُضَافُ لِأَنَّهُ فِي تَقْدِيرِ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ جَمِيعًا، وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ فَاعِلٌ فِي الْمَعْنَى، أَوْ قَائِمٌ مَقَامَ الْفَاعِلِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ الِاسْتِقْرَارُ الَّذِي ارْتَفَعَ بِهِ «مَرْجِعُكُمْ»، أَوِ الضَّمِيرُ الَّذِي فِي الْجَارِّ.
قَالَ تَعَالَى: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ) (٤٩).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ) : فِي «أَنْ» وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هِيَ مَصْدَرِيَّةٌ، وَالْأَمْرُ صِلَةٌ لَهَا، وَفِي مَوْضِعِهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: