فِي إِسْكَانِهِنَّ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي تَسْكُنُونَ، وَدَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنْ وُجْدِكُمْ).
وَالْوُجْدُ: الْغِنَى. وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَكَسْرُهَا وَمِنْ وُجْدِكُمْ: بَدَلٌ مِنْ «مِنْ حَيْثُ».
قَالَ تَعَالَى: (أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (١١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (رَسُولًا) : فِي نَصْبِهِ أَوْجُهٌ؛ أَحَدُهَا: أَنْ يَنْتَصِبَ بِذِكْرًا؛ أَيْ أَنْزَلَ إِلَيْكُمْ أَنْ ذَكَرَ رَسُولًا.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ «ذِكْرًا» وَيَكُونَ الرَّسُولُ بِمَعْنَى الرِّسَالَةِ. وَ «يَتْلُو» عَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا، وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مِنِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: ذِكْرًا شَرَفَ رَسُولٍ، أَوْ ذِكْرًا ذِكْرَ رَسُولٍ؛ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالذِّكْرِ الشَّرَفَ، وَقَدْ أَقَامَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَ الْمُضَافِ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ يَنْتَصِبَ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ وَأَرْسَلَ رَسُولًا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ) : الْجُمْلَةُ حَالٌ ثَانِيَةٌ، أَوْ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «خَالِدِينَ».
قَالَ تَعَالَى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ... (١٢)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِثْلَهُنَّ) : مَنْ نَصَبَ عَطَفَهُ؛ أَيْ وَخَلَقَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ، وَمَنْ رَفَعَ اسْتَأْنَفَهُ. وَ (يَتَنَزَّلُ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا، وَأَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِمَا قَبْلَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ