الفواصل هناك. انتهى.
والواقع: أن المعنى الذي قصد في كل من السورتين، لا يتم إلا بما عبر
له فيها ولو قيل غيره لفسد. وموافقة كل منهما في موضعه للفواصل، تزيده
حسناً، لا أنه يصح التعبير بالآخر، وما خص هذا إلا للفاصلة.
وبيان ذلك في تفسيري فراجعه، واحرص عليه، فإنك لم تظفر بمثله.
وإن أمعنت في مطالعته، بان لك سرُّه، والله الهادي.
وسبب وقوع هؤلاء الأكابر في مثل هذا، أشار إليه الإِمام علم الدين
السخاوي في "شرح الرائية"، عند مدح الشاطبي للباقلاني بكتابي الإِعجاز
والانتصار، فقال: إنه لولا كتاب الانتصار، لخالطت شبه المبتدعة العقول.
وتشكك الناس في الإِسلام واستأصلهم المبتدعة، وأكثر ضعفاء القراء وغيرهم اليوم ينطقون بتلك الشبه التي ألقاها المبتدعون ويعتقدونها، وإن كانوا لا يدرون ما تحتها من الغوائل، ولا يعلمون ما يلزمهم منها. انتهى.
ولا يستبعد هذا، فإن الشبهة ربما كان المراد بها غامضاً، ولها ظاهر له
نوع قبول، فيقولها بعض من لم يفهم معناها، غير قاصد شراً، فيأخذها
بعض الأكابر، لما أعجبه من ظاهرها، فتشتهر عنه، كما وقع في سبب اعتقاد أن التوراة نزلت جملة، وفي أن المراد بـ "أنهم إليهم لا يرجعون)
في سورة يس: الرجوع إلى الدنيا، ونحو ذلك كثير، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon