المبطلين، وتمادي الحال، حتى الجأتهم قريش إلى الشِّعْب، فانحاز فيه بنو هاشم.
وانضم معهم بنو المطلب، وتكوّن في وسط أمرهم - كما تشير إليه الياء
وقراءتها بالفتح - لهم قوة، مع رخاوة واشتهار واستفال، وهو الأغلب عليهم ظاهراً، كما تشير إليه قراءة الإمالة فيكون ذلهم من وراء عز، وعزهم من ساتر ذل، فتنة من العليم الخبير ليتميز المخلص من غيره، يعرف ذلك من عاناه، ونظر إليه بعين الحقيقة واجتلاه، وهذا كما كان عند قيام من قام من قريش في نقض الصحيفة الظالمة وإخراجهم من الشعب، ثم كان عند موت خديجة رضي الله عنها وأبي طالب وخرج النبي - ﷺ - لما توالى عليه من المصائب إلى الطائف فردوه - بأبي هو وأمي ونفسي وولدي وعيني - على تلك الصورة التي يعرفها من طالع السيرة، فلما قرب من مكة المشرفة، لم يستطع دخولها بغير جوار فاختفى في غار حراء، وأرسل إلى من يجيره، ثم أرسل، ثم كرر الإرسال حتى أجاره المطعم بن عدي، فلبس السلاح هو ومن أطاعه من عشيرته وأدخله - ﷺ -، حتى طاف بالبيت، ثم انصرف إلى منزله ثم قضى الله
سبحانه - وهو الذي يفعل ما يشاء، لا يسأل عما يشاء، ولا راد لحكمه، ولا معقب لأمره - أن قتل المطعم هذا في بدر كافراً إلى النار وبئس القرار، بعد أن اجتهد النبي - ﷺ - في سلامته، والإيصاء به في أن لا يقتل، ليعلم أنه سبحانه مختار في عموم رحمته، التي أشارت إليها هذه السورة وخصوصها،


الصفحة التالية
Icon