فالكاف هنا إشارة إلى أن عيسى عليه السلام، هو ثاني الشارعين منهم
في الوجود، و "الهاء"، عبارة عن أنه من عقب داود، عليهما السلام، كل منهما له حظ من صفات الحرف المشير إليه، الدَّال عليه.
والصاد التي هي من طرف اللسان، وهي خاتمة هذه الحروف، إشارة -
بما فيها من الإطباق، المشير إلى تطبيق الرسالة لجميع الوجود، ومن الاستعلاء المشير إلى نهاية العظمة، والصفير المشير إلى غاية الانتشار والشهرة - إلى محمد - ﷺ -، وإلى مقرر دينه ومجدّده عيسى عليه السلام.
ويشير الكاف - أيضاً - بما فيه من الصفات، إلى أن أول أمر عيسى عليه السلام يكون فيه مع الشدة ضعف.
ثم تشير - أيضاً - الهاء التي هي من أقصى الحلق، إلى أن أمره يبطن
بعد ذلك الظهور، ويخفي بارتفاعه إلى السماء، ويدل وصفها بالاستفال على
أن السماء التي يكون بها قريبة إلى العالم السفلي، وهو كذلك، فإنه في الثانية، بدلالة رتبة الكاف والهاء في مخرجهما.
وتشير الياء بجهرها إلى ظهور بنزوله، وتدل بكونها من وسط اللسان
على تمكنه في أموره، وباعتلائها على شيء في ذلك، وهو ضعف الأتباع
وحصرهم في ذلك الوقت، وتدل بانفتاحها ورخاوتها على ظهور على الدجال في أولئك القوم الذي جهدهم البلاء عند نزوله، ومسهم الضر قبل حلوله.
وتليح غلبة الاستفال عليها إلى أمر يأجوج ومأجوج لما يوحيه إليه: "إني قد
أخرجت عباداً لي، لا يدان لأحدهم، فجرّز عبادي إلى الطور".
وتدل العين بكونها من وسط الحلق على انحصارهم، وبجهرها على أنه
لا سبيل للعدو عليهم، ولا وصول بوجه إليهم، وبما فيها من البينية